امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 7 -صفحه : 547/ 522
نمايش فراداده

و هذا في الواقع جواب لأولئك الذينيقولون: إذا كان لهذا العالم اله عادل فلماذا يترك الظالمين و حالهم؟ هل هو غافل عنهمام لا يستطيع ان يمنعهم و هو يعلم بظلمهم؟

فيجيب القرآن الكريم على ذلك بأنّ اللّهليس غافلا عنهم ابدا، لانّ عدم عقابهممباشرة هو انّ هذا العالم محلّ الامتحان والاختبار و تربية الناس، و هذا لا يتمّالّا في ظلّ الحرية، و سوف يأتي يوم حسابهمإِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍتَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ مُهْطِعِينَمُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّإِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ.

«تشخص» من مادّة «الشخوص» بمعنى توقّفالعين عن الحركة و النظر الى نقطة بدهشة.

«مهطعين» من مادّة «إهطاع» بمعنى رفعالرقبة، و يعتقد البعض انّها بمعنى«السرعة» و قال آخرون: تعني «النظر بذلّة وخشوع». و لكن بالنظر الى الجمل الاخرى يكونالمعنى الاوّل اقرب الى الصحّة.

«مقنعي» من مادّة «الاقناع» بمعنى رفعالراس عاليا.

و مفهوم جملة لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْطَرْفُهُمْ لا يقدرون على ان يطرفوا منشدّة الهول، و كأنّ أعينهم كأعين الأمواتعاطلة عن العمل! و جملة أَفْئِدَتُهُمْهَواءٌ بمعنى قلوبهم خالية و مضطربة بحيثينسون كلّ شي‏ء حتّى أنفسهم و فقدت قلوبهمو أنفسهم كلّ ادراك و علم، و فقدوا كلّقواهم.

انّ بيان هذه الصفات الخمس: تشخص الأبصار،مهطعين، مقنعي رؤوسهم، لا يرتدّ إليهمطرفهم، افئدتهم هواء، صورة بليغة لهول وشدّة ذلك اليوم على الظالمين الذين كانوايستهزئون بكلّ شي‏ء، و أصبحوا في هذااليوم لا يستطيعون حتّى تحريك أجفانأعينهم.

و لكي لا يشاهدوا هذه المناظر المفجعةينظرون الى الأعلى فقط، فهؤلاء كانوايعتقدون بكمال عقولهم و يعدّون الآخرين منالحمقى، فأصبحوا اليوم‏