و في الآية التي نبحثها فإنّ (كلمة) قداستخدمت بهذا المعنى، أي إشارة إلىموجودات عالم الوجود التي تدل كل واحدةفيه على الصفات المختلفة للّه تبارك وتعالى.
و في الحقيقة إن القرآن يلفت أنظارنا فيهذه الآية إلى هذه الحقيقة و هي:
لا تظنّوا أنّ عالم الوجود محدود بماتشاهدونه أو تعلمونه أو تحسّونه، بل هوعلى قدر من السعة و العظمة بحيث لو أنّالبحار تتحول إلى حبر، و تكتب صفاته وخصائصه، فإنّها- أي البحار- ستجف قبل أنتحصي موجودات عالم الوجود.
و من الضروري الالتفات هنا إلى أنّ كلمةالبحر يراد بها الجنس و كذلك كلمة (مثل) فيقوله: وَ لَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداًفإنّه يراد بها الجنس أيضا، و هذه إشارةإلى أنّنا مهما أضفنا من أمثال هذه البحارإليها فإنّ الكلمات الإلهية لا تنتهي و لاتنفد.
و لهذا السبب فليس ثمّة تعارض بين هذهالآية و ما ورد في سورة لقمان حيث قولهتعالى في الآية (27): وَ لَوْ أَنَّ ما فِيالْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِسَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُاللَّهِ. يعني أنّ هذه الأقلام ستتكسر والمحابر ستجف حتى آخر قطرة، و مع ذلك فإنّأسرار المخلوقات و حقائق عالم الوجود لاتنتهي.
و ينبغي الانتباه هنا إلى أنّ الآية أعلاهفي الوقت الذي تجسّد فيه سعة عالم الوجوداللامتناهية في الماضي و الحاضر والمستقبل، فإنّها توضّح- أيضا- العلمالمطلق و غير المحدود للخالق جلّ و علا،لأنّنا نعلم أنّ اللّه سبحانه و تعالىيحيط علمه بما كان موجودا في عالم الوجود،و بما سيكون موجودا. و في الوقت الذي يعتبرفيه علم اللّه تعالى «علما حضوريا» فإنّهلا يفترق عن وجود هذه الموجودات. (فدقق فيذلك).
إذن نستطيع أن نقول: لو أنّ جميع المحيطاتو بحار الأرض تحولت إلى