امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 10 -صفحه : 540/ 519
نمايش فراداده

و استعملت الآية أسلوبا مؤثّرا آخرلإيقاظ هذه الفئة و تعليمها أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْعَبَثاً وَ أَنَّكُمْ إِلَيْنا لاتُرْجَعُونَ هذه العبارة الموجزة والعميقة تبيّن واحدا من أقوى الأدلّة علىالبعث و حساب الأعمال و الجزاء، و تعني أنّالحياة الدنيا تصبح عبثا إن لم تكنالقيامة و المعاد. فالدنيا بما فيها منمشاكل و ما وضع فيها اللّه من مناهج ومسئوليات و برامج، تكون عبثا و بلا معنى إنكانت لأيّام معدودات فقط، كما سنشرح ذلكفي المسائل الآتية.

و بما أنّ عدم بثيّة الخلق أمر مهمّ يحتاجإلى دليل رصين، أضافت الآية فَتَعالَىاللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَإِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ.

فإنّ الذي يقوم بعمل تافه- في الواقع- هوالجاهل غير الواعي أو الضعيف غير القادر،أو من هو بالذات تافه خاو.

أمّا «اللّه» الذي جمع الكمال في صفاته.

و هو «الملك» الذي يملك جميع الكائنات ويحكم عليها و هو «الحقّ» الذي لا يصدر منهغير الحقّ، فكيف يخلق الوجود عبثا بلاغاية.

و لو توهّم أحد الأشخاص بأنّه يمكن أنيوجد من يمنعه من الوصول إلى هدفه، فإنّعبارة لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّالْعَرْشِ الْكَرِيمِ تنفي ذلك و تؤكّدربوبيّته و مفهومها أنّ هذا المالك مصلح وهادف في خلقه للعالم.

و باختصار نقول: إنّه إضافة إلى ذكر كلمة«اللّه» التي هي إشارة إلى صفاته الكماليةفي ذاته، ذكرت الآية أربع صفات بشكل صريح:مالكية و حاكمية اللّه، ثمّ حقّانيّةوجوده، و كذلك عدم وجود شريك له، و أخيرامقام ربوبيّته. و هذا كلّه دليل على أنّهتعالى لا يقوم بعمل عبثا، كما أنّه لم يخلقالبشر عبثا.

كلمة «العرش» كما أشرنا سابقا، هي إشارةإلى أنّ عالم الوجود كلّه الخاضع‏

أنّكم ما لبثتم إلّا قليلا، و قال بعضالمفسّرين أن «لو» تعني هنا «ليت» و بهذاتكون الجملة بهذا الشكل «ليتكم علمتم بهذاالموضوع في دنياكم»