امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 16 -صفحه : 569/ 216
نمايش فراداده

الخلق من الأولين و الآخرين، و على اختلافطبقات البشر و أصنافهم يجمعون في ذلكاليوم في مكان واحد. و قد ورد هذا التعبيرفي عدّة آيات أخرى من القرآن الكريم أيضا،و من جملتها الشورى- 7، و التغابن- 9.

أمّا الآية التالية فهي دليل آخر علىمسألة المعاد، و قد قرأنا الشبهة المطروحةحوله في آيات القرآن الأخرى، فتقول: وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِفلما كان مالكا لتمام عالم الوجود الواسعو حاكما عليه، فمن المسلم أن يكون قادراعلى إحياء الموتى، و مع وجود تلك القدرةالمطلقة لا تكون عملية الإحياء بالأمرالعسير.

لقد جعل اللّه سبحانه هذا العالم مزرعةللآخرة، و متجرا وافر الربح إلى ذلكالعالم، و لذلك يقول سبحانه في نهايةالآية: وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُيَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَلأنّهم فقدوا رأس مالهم- و هو العمر- و لميتجروا فيه، و لم يشتروا متاعا إلّاالحسرة و الندم.

إنّ الحياة و العقل و الذكاء و مواهبالحياة الأخرى هي رأس مال الإنسان في سوقالتجارة هذا، لكن اتباع الباطل يبادلونهبمتاع فان سريع الزوال، و لذلك فإنّهم حينيأتون يوم القيامة، يوم لا ينفع إلّاالقلب السليم و الإيمان و العمل الصالحسيرون خسارتهم الباهظة بأم أعينهم، و لاتساعة مندم.

«يخسر» من الخسران، و هو فقدان رأس المال،و ينسب أحيانا إلى نفس الإنسان- كما يقولالراغب في المفردات- فيقال: خسر فلان، وأحيانا إلى تجارته فيقال: خسرت تجارته.

و مع أنّ أبناء الدنيا لا يستعملون هذاالتعبير إلّا في موارد المال و المقام والمواهب المادية، مع أنّ الأهم من الخسارةالمادية هو فقدان رأس مال العقل و الإيمانو الثواب. أمّا «المبطل»- من مادة «إبطال»- فلها فياللغة معان مختلفة، كإبطال الشي‏ء،