و تفرّقوا فنزلت الآيات آنفة الذكر وردّتعليهم «1».
كان الكلام في الآيات المتقدّمة على قسممهمّ من نعم الجنّة و ثواب المتّقين و كانالكلام في الآيات التي سبقتها عن بعض عذابأهل النار.
لذلك فإنّ الآية الاولى من الآيات محلّالبحث تخاطب النّبي فتقول:
«فتذكّر»! لأنّ قلوب عشّاق الحقّ تكونأكثر استعدادا بسماعها مثل هذا الكلام، وقد أن الأوان أن تبيّن الكلام الحقّ لها! وهذا التعبير يدلّ بوضوح أنّ الهدف الأصليمن ذكر جميع تلك النعم و مجازاة الفريقينهو تهيئة الأرضية الروحية لقبول حقائقجديدة! و في الحقيقة فإنّه ينبغي على كلّخطيب أنّ يستفيد من هذه الطريقة لنفوذكلامه و تأثيره في قلوب السامعين.
ثمّ يذكر القرآن الاتّهامات التي أطلقهاأعداء النّبي الألدّاء المعاندون فيقول:
فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَبِكاهِنٍ وَ لا مَجْنُونٍ.
«الكاهن» يطلق على من يخبر عن الأسرارالغيبية، و غالبا ما كان الكاهن يدّعيبأنّه له علاقة بالجنّ و يستمد الأخبارالغيبية منهم، و كان الكهنة في الجاهلية-خاصّة- كثيرين .. و من ضمنهم الكاهنان«سطيح» و «شق»، و الكهنة أفراد أذكياء،إلّا أنّهم يستغلّون ذكاءهم فيخدعونالناس بادّعاءاتهم الفارغة.
و الكهانة محرّمة في الإسلام و ممنوعة ولا يعتدّ بأقوال الكهنة! لأنّ أسرار
1- راجع تفسير المراغي، ج 27، ص 31.