امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 17 -صفحه : 500/ 199
نمايش فراداده

و في تفسير علي بن إبراهيم ورد أيضا: «ثمّدنا- يعني رسول اللّه- من ربّه عزّ و جلّ»«1» و قد ورد هذا المعنى في روايات متعدّدةو لا يمكن عدم الاكتراث بهذا المعنى.

كما ورد هذا المعنى في روايات أهل السنّة،إذ نقل صاحب «الدّر المنثور» ذلك عن ابنعبّاس من طريقين «2».

فمجموع هذه القرائن يدعونا إلى إختيارالتّفسير الثاني القائل بأنّ المراد من«شديد القوى» هو اللّه، و أنّ النّبي كانقد اقترب من اللّه تعالى أيضا.

و يبدو أنّ ما دعا أغلب المفسّرين إلىالإعراض عن هذا التّفسير (الثاني) و أنيتّجهوا إلى التّفسير (الأوّل) هو أنّ هذاالتّفسير فيه رائحة التجسّم، و وجود مكانللّه، مع أنّه من المقطوع به أنّه لا مكانله و لا جسم: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ، «3»فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُاللَّهِ، «4» وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ماكُنْتُمْ «5» و لعلّ مجموع هذه المسائلأيضا جعل بعض المفسّرين يظهر عجزه عنتفسير هذه الآيات و يقول: هي من أسرارالغيب الخفيّة علينا.

قيل أنّهم سألوا بعض المفسّرين عن تفسيرهذه الآيات فقال: إذا كان جبرئيل غير قادرعلى بلوغ ذلك المكان فمن أنا حتّى أدركمعناه «6»؟! و لكن بملاحظة أنّ القرآن كتابهداية و هو نازل ليتدبّر الناس و يتفكّروافي آياته فقبول هذا المعنى مشكل أيضا.

إلّا أنّنا إذا أخذنا بنظر الإعتبار أنّالمراد من هذه الآيات هو نوع من الرؤية

1- المصدر ذاته، ص 148.

2- الدرّ المنثور، ج 6، ص 123.

3- سورة الأنعام، الآية 103.

4- سورة البقرة، الآية 115.

5- سورة الحديد، الآية 4.

6- روح المعاني، ج 9، ص 219.