و التعبير بـ «كم» في الآية يفيد العموم،أي ليس لأي ملك أن يشفع دون إذن اللّه ورضاه، لأنّ هذه اللفظة تفيد العموم في لغةالعرب، كما أنّ لفظة «كثير» تفيد العمومأحيانا و قد جاء في الآية 70 من سورةالإسراء ما يدلّ على ذلك:
وَ فَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْخَلَقْنا تَفْضِيلًا أي فضّلنا بني آدمعلى جميع من خلقنا.
كما نجد هذا الاستعمال في شأن الشياطين إذنقرأ الآية 223 من سورة الشعراء قائلة: وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ مع أنّنا نعلمأنّ جميع الشياطين كاذبون «1».
أمّا الفرق بين «الإذن» و «الرضا» فهو-أنّ الإذن يعبّر عنه في مقام يكشف الإنسانعن رضاه الباطني، إلّا أنّ الرضا .. أعمّ منذلك، و قد تستعمل كلمة «الرضا» لانسجامالطبع مع ما يفعل، و حيث أنّ الإنسان قديأذن بشيء ما دون أن يكون راضيا في قلبهفقد جاءت كلمة «يرضى» تأكيدا على الإذن، وإن كان الإذن و الرضا عند اللّه لا ينفصلبعضهما عن بعض و لا مجال (للتقيّة) عنداللّه!
الأمل أو التمنّي إنّما ينبع من محدوديةقدرة الإنسان و ضعفه الإنسان إذا كانت لهعلاقة بالشيء و لم يستطع أن يبلغه ويحقّقه فانّه يأخذ صورة التمنّي عنده .. وإذا استطاع الإنسان أن يحقّق كلّ ما يريدهو يرغب فيه، لم يكن للتمنّي من معنى! وبالطبع قد تكون أمانيّ الإنسان أحيانانابعة من روحه العالية و باعثا على الحركةو الجدّ و النشاط و الجهاد و سيره التكاملي.. كما لو تمنّى بأن يتقدّم الناس بالعلم والتقوى و الشخصيّة و الكرامة!
1- مع أنّ كلمة ملك في الآية مفردة فقد عادالضمير عليها جمعا في «شفاعتهم» و ذلكلمفهوم الكلام و رعاية للمعنى!