مفهوما، فيشمل حتّى الوهم و الاحتمالاتالضعيفة، و من هذا القبيل ظنّ عبدةالأوثان- إذ كان خرافة تظهر في أذهانهمبشكل احتمال ضعيف. ثمّ ينهض هوى النفسفيزيّن ذلك الاحتمال، و يهمل الاحتمالالآخر الذي هو أقوى من هذا الاحتمال، ويصير الاحتمال الضعيف اعتقادا راسخا معأنّه لا أساس له أبدا.
و من أجل أن يبيّن القرآن أنّ هؤلاءالجماعة ليسوا أهلا للاستدلال و المنطقالصحيح، و قد ألهاهم حبّ الدنيا عن ذكراللّه و جرّهم إلى الوحل في خرافاتهم وأوهامهم يضيف قائلا: فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْتَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَ لَمْ يُرِدْإِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا.
و المراد من (ذكرنا) في إعتقاد أغلبالمفسّرين هو «القرآن»، و قد يفسّر بأنّهالدلائل المنطقية و العقلية التي توصلالإنسان إلى اللّه، كما احتملوا أن يكونالمراد هو ذكر اللّه الذي يقابل الغفلةعند الإنسان.
إلّا أنّ الظاهر أنّ هذا التعبير ذو مفهومواسع بحيث يشمل كلّ توجّه نحو اللّه، سواءأ كان ذلك عن طريق القرآن، أو عن طريقالعقل، أو عن طريق السنّة، أو تذكّرالقيامة و ما إلى ذلك! و يستفاد من هذهالآية- ضمنا- أنّ هناك علاقة بين الغفلة عنذكر اللّه و الإقبال على الماديات، و بينزخرف الدنيا و زبرجها و أنّ بينهما تأثيرامتلازما! فالغفلة عن ذكر اللّه تسوقالإنسان نحو عبادة الدنيا، كما أنّ عبادةالدنيا تصرف الإنسان عن ذكر اللّه، فيكونغافلا عنه- و هما جميعا يقترنان مع هوىالنفس، و بالطبع فإنّ الخرافات التي تنسجممع هوى النفس تتزيّن في نظر الإنسان وتتبدّل تدريجا إلى إعتقاد راسخ! و ربّما لاحاجة إلى التذكير أنّ الأمر بالإعراض عنهذه الفئة (أهل الدنيا) لا ينافي تبليغالرسالة الذي هو وظيفة النّبي الأساسيّة،لأنّ التبليغ و الإنذار و البشارة كلّهالا تكون إلّا في موارد احتمال التأثير،فحيث يعلم و يتيقّن عدم التأثير فلا يصحّهدر الطاقات، و ينبغي الإعراض بعد إتمامالحجّة.