امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 17 -صفحه : 500/ 244
نمايش فراداده

التعامل إلّا ما تدور في أذهانهم منأوهام؟ فهم يتّبعون ما يتوهّمون فرارا منتحمّل المسؤولية.

و بعد هذا تأتي الآية الاخرى لتبيّناعتراض القرآن الشديد على ذلك، و بيانلأصل كلّي مطّرد في الأديان السماويةكلّها فتقول: ترى أ هذا الذي امتنع عنالإنفاق أو الإيمان بالوعود الخيالية. ويريد أن يخلص نفسه من عذاب اللّه بإنفاقهاليسير و الزهيد من أمواله، أ تغنيه هذهالخيالات و التصوّرات: أَمْ لَمْيُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى‏ وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى «1».

«إبراهيم»: هو ذلك النّبي العظيم الذيأدّي حقّ رسالة اللّه، و بلّغ ما أمره به ووفي بجميع عهوده و مواثيقه، و لم يخش تهديدقومه و طاغوت زمانه، ذلك الإنسان الذيامتحن بمختلف الامتحانات حتّى بلغ به أنيقدّم ولده ليذبحه بأمر اللّه، و خرجمنتصرا مرفوع الرأس من جميع هذهالامتحانات و نال المقام السامي لقيادةالامّة .. كما نقرأ هذا المعنى في الآية (124)من سورة البقرة إذ تقول: وَ إِذِ ابْتَلى‏إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍفَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَلِلنَّاسِ إِماماً.

و قال بعض المفسّرين في توضيح معنى الآية:أنّه بذل نفسه للنيران و قلبه للرحمن وولده للقربان و ماله للإخوان «2».

ثمّ تأتي الآية الاخرى لتقول: أَلَّاتَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى‏.

«الوزر» في الأصل مأخوذ من «الوزر»- علىزنة خطر- و معناه المأوى أو الكهف أوالملجأ الجبلي، ثمّ استعلمت هذه الكلمة فيالإعباء الثقيلة! لشباهتها الصخورالجبلية العظيمة، و أطلقت على الذنب أيضا،لأنّه يترك عبئا ثقيلا على ظهر الإنسان.

1- وفّى مصدره توفية معناه البذل و الأداءالتامّ ..

2- روح البيان، ج 9، ص 246.