و المراد من «الوازرة» من يتحمّل الوزر«1».
و لمزيد الإيضاح يضيف القرآن قائلا: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ماسَعى «2».
«السعي» في الأصل معناه السير السريعالذي لا يصل مرحلة الركض، إلّا أنّهيستعمل غالبا في الجدّ و المثابرة، لأنّالإنسان يؤدّي حركات سريعة في جدّه ومثابرته سواء كان ذلك في الخير أو الشرّ! والذي يسترعي الانتباه أنّ القرآن لا يقول:و ان ليس للإنسان إلّا ما أدّى من عمل .. بليقول: إلّا ما سعى. و هذا التعبير إشارة إلىأنّ على الإنسان أن يجدّ و يثابر فذلك هوالمطلوب منه و إن لم يصل إلى هدفه، فالعبرةبالنيّة، فإذا نوى خيرا أعطاه اللّهثوابه، لأنّ اللّه يتقبّل النيّات والمقاصد لا الأعمال المؤدّاة فحسب.
أمّا الآية التالية فتقول: وَ أَنَّسَعْيَهُ سَوْفَ يُرى فالإنسان لا يرىغدا نتائج أعماله التي كانت في مسير الخيرأو الشرّ فحسب، بل سيرى أعماله نفسها يومالحساب، كما نجد التصريح بذلك في الآية (30)من سورة آل عمران: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّنَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍمُحْضَراً.
كما ورد التصريح بمشاهدة الأعمال الصالحةو الطالحة عند القيامة في سورة الزلزلةالآيتين (7) و 8): فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْمِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ! أمّاالآية الأخيرة من الآيات محل البحث فتقول:ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى«3».
و المراد من «الجزاء الأوفى» هو الجزاءالذي يكون طبقا للعمل. و بالطبع هذا
1- أتت لفظ الوازرة لكونه وصفا للنفسالمحذوفة في الآية و مثلها تأنيث اخرى. 2- كلمة «ما» في «ما سعى» مصدرية. 3- نائب الفاعل في يجزاه ضمير يعود علىالإنسان و الهاء في يجزاه تعود على العمل(مع حذف حرف الجرّ) و تقدير الآية هكذا ثمّيجزى الإنسان بعمله أو على عمله الجزاءالأوفى .. يقول الزمخشري في الكشّاف: يمكنأن لا يكون هناك حرف مقدّر لأنّه يقال يجزىالعبد سعيه .. إلّا أنّه ينبغي الالتفاتإلى أنّه يقال مثلا جزاه اللّه على عمله ويندر أن يقال جزاه اللّه عمله، و الجزاءالأوفى يمكن أن يكون مفعولا ثانيا أومفعولا مطلقا.