و منطق العقل أيضا يقتضي أنّ كلّا مسئولعن عمله، و يعود عليه عمله بالنفع أوالضرر.
و هذا المبدأ الإسلامي يؤدّي إلى أن يسعىالإنسان إلى الخير و أن يجتهد بدلا منالالتجاء إلى الخرافات أو أن يتحمّل آثامهغيره! و أن يتجنّب الذنب و يتّقي اللّه، وإذا ما اتّفق له أن عثرت قدمه في معصية،فعليه أن يبادر إلى التوبة و يجبر ذلكبالاستغفار و العمل الصالح! و تأثير هذهالعقيدة التربوية في الناس واضح تماما ولا يقبل الإنكار، كما أنّ أثر تلكالمعتقدات الجاهلية الفاسدة- المخرّب لايخفى على أحد.
و صحيح أنّ هذه الآيات ناظرة إلى السعي والمثابرة و العمل للآخرة و رؤية الثواب فيالآخرة! إلّا أنّ الملاك و المعيار الأصليله يتجلّى في الدنيا أيضا .. أي أنّ الأفرادالمؤمنين لا ينبغي لهم أن يتوقّعوا منالآخرين أن يعملوا لهم و يحلّوا مشاكلهمالاجتماعية، بل عليهم أنفسهم أن ينهضوا ويجدّوا و يثابروا أبدا.
و يستفاد من هذه الآيات أصل حقوقي فيالمسائل الجزائية أيضا، و هو أنّ الجزاءأو العقاب إنّما ينال المذنب الحقيقي، وليس لأحد أن يجعل إثم غيره في ذمّته!
كما بيّنا آنفا، فإنّ هذه الآيات بقرينةالآيات التي قبلها و الآيات التي بعدهاناظرة إلى سعي الإنسان لأمور الآخرة، إلّاأنّه مع هذه الحال- لما كان ذلك على أساسحكم عقلي مسلّم به فيمكن تعميم السعي والجدّ حتّى يشمل السعي لأمور الدنيا ويشمل أيضا الجزاء الدنيوي، إلّا أنّ ذلكلا يعني أن يتأثّر بعضهم بالمذاهبالاشتراكية فيقول: إنّ مفهوم الآية أنّالمالكية إنّما تحصل عن طريق العمل فحسب،و بذلك يخطّي قانون الإرث و المضاربة والإجارة و أمثالها!