امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 17 -صفحه : 500/ 292
نمايش فراداده

نوح و أصحابه إلى مجموعة من المسامير وقطع من الخشب، و أنّها أدّت هذه الوظيفةعلى أحسن وجه، و هكذا تتجلّى القدرةالإلهيّة العظيمة.

و يمكن أن يستفاد من هذا التعبير طبيعةالبساطة التي كانت عليها سفن ذلك الزمان والتي هي بعيدة عن التعقيد و التكلّف قياسامع السفن المتقدّمة في العصور اللاحقة. ومع ذلك فإنّ سفينة نوح عليه السّلام كانحجمها بالقدر المطلوب و طبق الحاجة، وطبقا للتواريخ فإنّ نوح عليه السّلام قدأمضى عدّة سنين في صنعها كي يتمكّن من وضع(من كلّ زوجين إثنين) من مختلف الحيواناتفيها.

و يشير سبحانه إلى لطف عنايته للسفينةالمخصّصة لنجاة نوح عليه السّلام حيث يقولسبحانه تَجْرِي بِأَعْيُنِنا أي أنّ هذهالسفينة تسير بالعلم و المشيئة الإلهيّة،و تشقّ الأمواج العالية بقوّة و تستمر فيحركتها تحت رعايتنا و حفظنا.

إنّ التعبير (بأعيننا) كناية ظريفةللدلالة على المراقبة و الرعاية للشي‏ء ويتجسّد هذا المعنى بوضوح في قوله تعالى فيالآية (37) من سورة هود:

وَ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا.

بعض المفسّرين ذهبوا إلى أنّ المقصود منتَجْرِي بِأَعْيُنِنا هو الإشارة إلىالشخصيات المهمّة التي كانت على ظهرالسفينة، و بناء على هذا فإنّ المقصود منقوله تعالى: تَجْرِي بِأَعْيُنِنا «1» أنّتلك السفينة كانت تحمل عباد اللّهالخالصين المخلصين، و نظرا لطبيعةالموارد التي استعمل فيها هذا التعبير فيالآيات القرآنية الاخرى فإنّ الرأيالأوّل هو الأصحّ.

و يحتمل أيضا أنّ المراد بجملة (بأعيننا)هو الملائكة التي كان لها الأثر في هدايةسفينة نوح عليه السّلام، و لكن هذا الرأيضعيف أيضا لسبب أعلاه.

ثمّ يضيف تعالى: جَزاءً لِمَنْ كانَكُفِرَ «2».

1- «أعين» جمع عين، و إحدى معانيها العينالباصرة، و المعنى الآخر لها هو: الشخصيةالمعتبرة، و لها معان اخرى.

2- يجدر بالملاحظة هنا أنّ فعل (كفر) مبنيللمجهول، و المراد به نوح عليه السّلامالذي كفر به، و ليس فعلا معلوما يشير إلى‏