القسم الرّابع: و فيه بعد تجاوز النعمالإلهية على الإنسان في الدنيا تتحدّثالآيات عن نعم اللّه في عالم الآخرة بدقّةو ظرافة، خاصّة عن الجنّة، و بصورة أعمّ وأشمل عن البساتين و العيون و الفاكهة و حورالعين و أنواع الملابس من السندس والإستبرق ...
و أخيرا في القسم الخامس نلاحظ الحديثباختصار عن مصير المجرمين و جزائهم المؤلمالمحسوب ... و لأنّ الأصل في هذه السورةأنّها مختّصة ببيان الرحمة الإلهيّة، لذالم نلاحظ تفاصيل كثيرة حول مصيرهم، خلافالما نلاحظه في موضوع الحديث عن النعمالخروية حيث التفصيل و الشمول الذي يشرحقلوب المؤمنين و يغمرها بالسعادة و الأمل،و يزيل عنها غبار الحزن و الهمّ، و يغرسالشوق في نفوسهم ...
إنّ تكرار آية: فَبِأَيِّ آلاءِرَبِّكُما تُكَذِّبانِ و في مقاطع قصيرةأعطت وزنا متميّزا للسورة، و خاصّة إذاقريء بالمعنى المعبّر الذي يستوحى منها... فإنّ حالة من الشوق و الانبهار تحصل لدىالإنسان المؤمن.
و لذلك فلا نعجب عند ما نقرأ في حديث للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّمحيث يقول: «لكلّ شيء عروس، و عروس القرآنسورة الرحمن جلّ ذكره» «1».
و الجدير بالذكر أنّ مصطلح «العروس» يطلقفي اللسان العربي على المرأة و الرجل ماداموا في مراسيم الزواج «2».
و بما أنّ المرأة و الرجل في تلك المراسمفي أفضل و أتمّ الحالات و أكملالاحترامات، و من هنا فإنّ هذا المصطلحيطلق على الموجودات اللطيفة جدّا و موضعالاحترام.
إنّ سبب إختيار اسم (الرحمن) لهذه السورةلتتناسب التسمية مع المضمون، و هذا واضح.
1- مجمع البيان بداية سورة الرحمن، و جاءكذلك في الدرّ المنثور، ج 6، ص 140. 2- لسان العراب و مجمع البحرين و صحاحاللغة و.