امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 17 -صفحه : 500/ 64
نمايش فراداده

فقال: فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً فقال:الملائكة.

و مع هذه الحال فهناك تفاسير أخر يمكنضمّها إلى هذا التّفسير، منها أنّ المرادبـ «الجاريات» هي الأنهار التي تجري بماءالمزن و «المقسمات أمرا» هي الأرزاق التيتقسّم بواسطة الملائكة عن طريق الزراعة.

و على هذا فإنّ الكلام عن الرياح ثمّالغيوم و بعدها الأنهار و أخيرا نموالنباتات في الأرض يتناسب تناسبا قريبا معمسألة المعاد، لأنّنا نعرف أنّ واحدا منأدلّة إمكان المعاد هو إحياء الأرض الميتةبنزول الغيث و قد ذكر ذلك عدّة مرّات فيالقرآن بأساليب مختلفة.

كما يردّ هذا الاحتمال أيضا: و هو أنّ هذهالأوصاف الأربعة جميعها للرياح- الرياحالمولّدة للسحب، و الرياح التي تحملها علىمتونها، و الرياح التي تجري بها إلى كلّجانب، و الرياح التي تنثر و تقسّم قطراتالغيث لكلّ جهة «1»!.

و مع ملاحظة أنّ هذه التعبيرات الواردة فيالآيات جميعها جامعة و كليّة فيمكن أنتحمل المعاني آنفة الذكر كلّها، إلّا أنّالتّفسير الأساس هو التّفسير الأوّل.

و هنا ينقدح هذا السؤال .. و هو:

إذا كان المراد من «المقسمات» هوالملائكة فما ذا تقسم الملائكة؟! نجيب علىهذا السؤال أنّ تقسيم العمل هنا لعلّهراجع إلىّ كلّ التدبير في العالم بحيث أنّجماعات من الملائكة مأمورة بتدبير أموره،كما يحتمل أنّها مأمورة بتدبير الأرزاق،أو تقسيم قطرات الغيث على المناطقالمتعدّدة في الأرض «2».

1- أشار إلى هذا المعنى تفسير الفخرالرازي، ج 28، ص 195.

2- ينبغي الالتفات إلى أنّ الواو في (والذاريات) هي للقسم، إلّا أنّ الفاء فيالآيات التي تليها عاطفة و هي تحمل مفهومالقسم كما أنّها في الوقت ذاته بمثابةعلاقة و رباط بين الأقسام الأربعة هنا.