من أنحاء الوجودات بحسب هويّاتها فينكشفانّ المسمّى بالمعلول ليست هويّته أمرامباينا لهويّة علّته المفيضة و لا يمكنللعقل أن يشير في المعلول إلى هويّةمنفصلة عن هويّة موجده حتّى يكون هناكهويّتان مستقلّتان في الإشارة العقليّةإحداهما مفيضة و الاخرى مفاضة و إلّا لميكن ذاته بذاته مفاضة.
نعم للعقل أن يشير (26) إلى المهيّات والأعيان الثابتة، لعدم تعلّقها (27)بذواتها إلى علّة فاعلة فإذن المجعولبالجعل البسيط لا ذات له مباينة لذاتمبدعه، فإذا ثبت تناهي سلسلة الموجوداتإلى حقيقة واحدة، بسيطة ظهر انّ لجميعالموجودات حقيقة واحدة، ذاته بذاته وجود وموجد و هو بحقيقته محقّق الحقائق و بسطوعنوره منوّر مهيّات السموات و الأرض فهوالحقيقة و الباقي شئونه و هو الذات و غيرهأسماؤه و هو الأصل و ما سواه أطواره وفروعه و حيثياته.
فعلى هذا يتبيّن و ينكشف معنى ما ورد فيالأذكار الشريفة الإلهية يا هو يا من هو يامن لا هو إلّا هو إذ قد ثبت إنّ الهويّاتالوجوديّة التي بعد مرتبة الهويّةالإلهيّة كما لا يمكن حصولها في الخارجمنحازة عن الذات الأحديّة بل هي مقوّمةقوامها و مقرّرة حقائقها كذلك لا يمكنللعقل أن يشير إليها إشارة عقليّة أوحسيّة بحيث ينالها الإشارة منحازة عنالإشارة إلى قيّومها الأحدي، بل هو المشارإليه في كل إشارة، و لا إشارة إليه (28)فيكون محدودا و هو المشهود (29) في كل شهود ولا شهادة، و هو المنظور (30) بكل عين و لا نظرإليه فيكون محاطا به و هو المسموع بكل سمعو لا جهة له و هو المعقول بكلّ عقل و لااكتناه به فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّوَجْهُ اللَّهِ [2/ 115] فهو في كل مكان بلامكان. و هو في كل زمان بلا زمان فلا كيفلذاته (31) و لا علم بصفاته و لا حين لزمانه ولا كنه لشأنه، و لا حيث حيث هو و لا أين أينهو و لامتى حين هو فهو هو، و لا هو إلّا هو،و لا هو بلا هو إلّا هو ذلكم اللّه ربّكمخالق كل شيء لا إله إلّا هو.
و صلّى اللّه على سيّد الورى محمد المصطفىو آله مفاتيح الهدى و مصابيح الدجى.