تفسیر کتاب اللّه المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 1 -صفحه : 510/ 82
نمايش فراداده

الآخرة (52) و حشر إلى ربّه يصير علمه عينا وغيبه شهادة فكلّ ما يخطر بباله من الأفلاكو العناصر و الجنّات و الأنهار و الحور والقصور و غير ذلك يكون موجودا في الخارج منغير مضايقة و مزاحمة فله من كلّ ما يريده ويشتهيه، و لو كان أعظم من هذا العالم بكثيرفهو بهذه الاعتبار عالم كبير برأسه ليسجزءا من أجزاء هذا العالم و لهذا سمّيبالعالم الكبير، بل بالعالم الأكبر أيضانظرا إلى هذا.

و تسميته بالعالم الصغير إنّما وقع نظراإلى الاعتبار الأوّل فعلى ما بيّنا زالالإشكال الذي ورد هاهنا من أن الإنسان جزءمن العالم فكيف يزيد على الكلّ.

و قد تكلّف بعض أهل النظر ممّن يريد أنيطير مع الطيور السماويّة بأجنحة عمليّةصنعها بيديه و ألصقتها بجنبيه في دفع هذاالإشكال بهذا المقال و هو: إنّ أهل الذوقيجعلونه من حيث الوجود الخارجي و ما يشتملعليه من الأجزاء و الأحوال جزءا من منالعالم حتّى يكون العالم الصغير الذي يكونالإنسان كبيرا بالنسبة إليه هو الموجوداتالخارجيّة و العالم الكبير هو الإنسانبجميع ما يشتمل عليه من الموجوداتالخارجيّة و الذهنيّة فيزيد على العالمبالموجودات الذهنيّة. ثم اعترض على نفسهاعتراضا واردا لا مدفع له بقوله:

فإن قلت: العالم الكبير أيضا يشتمل علىالموجودات الذهنيّة إذ العقول و النفوسالفلكية ناطقة مدركة للأشياء كما هوالمشهور بين الفلاسفة، فأجاب عنه بقوله:

قلت أما العقول فلا احساس لها مطلقا. و أماالنفوس الفلكية فلا احساس (53) لها بالحواسّالظاهرة انتهى.

أقول: و لا يخفى ما فيه من الركاكة فإنّهعلى تقدير صحّته لا يثبت إلّا كونه كبيرابالنسبة إلى العقول و النفوس، لا بالنسبةإلى مجموع العالم المشتمل على العقول والنفوس الكلية المدركة للكليّات و علىالنفوس الجزئية الحيوانيّة المدركةللجزئيات‏