الاخر أن تعلم من أسرار القيامة و أغوارهاما دمت في هذه النشأة البشرية الا أنإيمانك بالغيب و تصديقك بما جاء فيالشريعة الحقّة تصديق الأكمه بوجودالألوان من جهة الخبر و الايمان بالغيب،لا من جهة الإدراك و اليقين.
و إياك أن تستشرف الاطلاع عليها من غيرجهة الخبر و الايمان بالغيب بأن تريد أنتعلمها بعقلك المزخرف و دليلك المزيّف،فتكون كالاكمه الذي يريد أن يعلم الألوانبذوقه او شمّه أو سمعه أو لمسه، و هذا عينالجحود و الإنكار لوجود الألوان فكذلكالطمع في ادراك أحوال الاخرة بعلمالاستدلال و صنعة الكلام عين الجحود والإنكار لها، فمن أراد أن يعرف القيامةبفطانته المعروفة و عقله المشهور فقدجحدها و هو لا يشعر.
فتأمل أولا في حال الأكمه كيف ينبغي له انيؤمن بالألوان من طريق الغيب، بأن يقطعنظره عن الحواس الأربع و مدركاتها و عزلهاعن أحكامها حتى يمكن و يتصور له أن يؤمنبالغيب من غير تشبيه و لا تعطيل (18)، ثمطالب بعد ذلك نفسك بمثل هذا الايمان حتىتكون مؤمنا بالغيب، فتستعد لان تصير موقنابالاخرة كما قال سبحانه: يُؤْمِنُونَبِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ*-الى أن قال:- وَ بِالْآخِرَةِ هُمْيُوقِنُونَ [2/ 3- 4] فكانوا أولا مؤمنينبالاخرة ايمانا بالغيب، و هذه المرتبة فيالايمان باللّه و اليوم الاخر تتأدىبالمؤمن الى العمل بالأركان من الصلوة والزكاة و غيرهما، و الاعمال الصالحة بصدقالنية و صفاء الطويّة ينجر به الى مرتبةالإيقان لقوله تعالى: وَ اعْبُدْ رَبَّكَحَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [15/ 99]. (19) اشارة نسبة قيام الساعة الى أزمنة الدنيا ليستكنسبة طرف الزمان الى الزمان،