[17/ 94] فحصر اللّه مدار إصرارهم و جحودهمعلى أن البشر لا يصلح للرسالة، لان أفرادهمشتركة في الماهية، فمن المحال أن يختصواحد منها بخاصيّة دون بعض آخر.
هذه حجتهم الداحضة و غاية انكارهمالغامضة، الا أنها مندفعة بوجهين شريفينقرآنيّين كل منهما في غاية الاستنارة والاستحكام:
الاول ما وقعت الاشارة اليه هاهنا حكايةعما الهم اللّه به رسل عيسى عليه السلامجوابا عن انكار أهل القرية رسالتهم حيث مااغتروا به بفطانتهم البتراء من الشبهةالتي شرحناها، و هو قوله تعالى:
قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّاإِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) لا على الوجه الذي فهمه الزمخشري و منتبعه، و هو ان قوله: «ربنا يعلم» جار مجريالقسم في التوكيد، كقولهم «شهد اللّه» و«علم اللّه» لان معنى الاية دفع الشبهةالعلمية المفصلة فاستيناف الدعوى مقرونةبالقسم غير منجح، و البيان القسمي غيرنافع في المقامات العلمية التي لا يوصلاليها الا بالطمأنينة اليقينية، على أناحتمال التورى في القسم قائم، ثم اعتذاره-بأن هذا القسم لما كان مشفوعا بالبيّنةالشاهدة و الآيات الواضحة مستحسن- كما ترى.
و انّما حمله على هذا التوجيه في الايةأمران: أحدهما وجود اللام للتأكيد في«مرسلون» الثاني دون الاول. و ثانيهما:المماثلة المعنويّة بين قولهم «ربنايعلم» و قول الناس «شهد اللّه» و «علماللّه» الواقعين أحيانا في مقام القسم و