أهل الدنيا- الغالب عليها حب الشهوات منالنساء و البنين و القناطير المقنطرة منالذهب و الفضة و حب الرياسة من الخيلالمسومة و الانعام و الحرث- تحشر معالانعام و الدواب.
فإذا كان التخالف بين أفراد الإنسان بهذهالمثابة من التخالف الجنسي- فضلا عنالنوعي- فكيف يدعي أحد أن نفس النبي صلىالله عليه وآله كنفوس عوام الناس؟ و قال صلى الله عليه وآله: «لست كأحدكم أبيتعند ربي يطعمني و يسقيني» و اللّه سبحانه قد كفّر من ذهب الى مماثلةالنبي مع سائر الناس و قال ببشريته لقولهتعالى: أَ بَشَرٌ يَهْدُونَنا فَكَفَرُوا[64/ 6] و أما قوله: قُلْ إِنَّما أَنَابَشَرٌ مِثْلُكُمْ [18/ 110] فهو مماثلة بحسبالنشأة الحسية و الاشتراك في الجسميةالمشتركة.
فالمماثلة التي ادعتها المنكرون للنبوةالمتمسكون بهذه الشبهة، ان ادعوها بحسبالمادة البدنية المشتركة فالجواب بعدتسليم هذه المقدمة أن اختصاص النبوة ببعضالافراد انما يكون بكرامة لاحقة و فضيلةفائضة من اللّه على حسب صفاء القوابل ولطافة المحل، فلا يلزم تخصيص بلا مخصصأصلا كما مر في الوجه الاول، و ان ادعوهابحسب الأرواح و البواطن، فالمماثلةممنوعة بل المثبت المحقق خلافه كما مر فيالوجه الاخر، فالشبهة عن أصلها منقلعةمنحسمة.
و للمتأمل أن يفهم من هذه الاية اشعارالطيفا (1) بالوجه الثاني من وجهي الجواب عنشبهة المنكرين لرسالة الرسل الثلاثة- علىنبينا و آله و عليهم السلام- بأن يكونالمراد أن جهة المخالفة النوعية الحاصلةبيننا و بينكم ليست مما يمكن أن يصل الىإدراكه أفهامكم و أفهام أمثالكم، لأنه أمرخفي لا يعلمه الا اللّه، و لا يمكن الوصولالى دركه الا بالهام اللّه و تعليمه مناختاره من عباده