تفسیر کتاب اللّه المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 5 -صفحه : 443/ 70
نمايش فراداده

سورة يس (36): آية 28

وَ ما أَنْزَلْنا عَلى‏ قَوْمِهِ مِنْبَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ (28) يعني: و ما أنزلنا لإهلاك قومه من بعد قتلهاو دفعه جندا من السماء، أى و ما احتجنا فيإهلاك قرية فجرت و عتت عن أمر ربهم الىانزال جند من قبلنا، كما احتاج الملوك فيالغلبة على خصومهم بأسباب و معاوناتخارجية و أشخاص و جنود و آلات و أوزارللحرب، بل انما أمرنا لشي‏ء إذا أردنا أننقول له كن فيكون. لان القدرة الالهية ألطفو أمتن من أن يكون بواسطة أسباب محسوسة وأجناد مشهودة، الا إذا اقتضت الحكمة انزالالعذاب على طائفة بهيئة خاصة و صورةمعيّنة فيها عبرة للناظرين و مصلحةللعابرين، فربما أوجبت المصلحة هلاك قومعلى صورة دون اخرى، و هلاك قوم غيرهم علىوجه آخر.

أو لا ترى الى قوله تعالى: فَمِنْهُمْمَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ،وَ مِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا [29/ 40] و لايبعد أن يكون شدة البأس و عظمة هيئة الغضبعلى طائفة شقية بنسبة شقاوتهم و كفرهم اونسبة عظمة المبعوث عليهم المنذر لهم مننبى او خليفة له، و لهذا أنزل اللّه جنودامن السماء يوم بدر و الخندق، قال تعالى:فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها [33/ 9] بِأَلْفٍمِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ [8/ 9]بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِمُنْزَلِينَ [3/ 124] بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَالْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ [3/ 125] مع انهكان يكفي في إهلاكهم ملك واحد، بل ريشة؟ واحدة، بل صيحة واحدة من صياحه، بل ارادةواحدة منه بإذن ربه، فقد أهلكت مدائن لوطبريشة من جناح جبرئيل، و بلاد ثمود و قومصالح بصيحة.