غلبة أحد الطرفين، و إن كان لكل جمال أيضاجلال كالهيمان الحاصل من الجلال الإلهي،فإنّه عبارة عن انقهار العقل منه و تحيّرهفيه، و لكلّ جلال جمال و هو اللطف المستورفي القهر الإلهي، كما قال تعالى: وَ لَكُمْفِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِيالْأَلْبابِ.
و قال أمير المؤمنين عليه السّلام في بعضخطبه: سبحان من اتّسعت رحمته لأوليائه فيشدّة نقمته، و اشتدّت نقمته لأعدائه فيسعة نعمته «5».
و من هاهنا يعلم سرّ قوله صلى الله عليه وآله: حفّت الجنّةبالمكاره، و حفّت النار بالشهوات «6».
فهو اللّه البارئ المصوّر الغفّار لقوم،و هو اللّه الواحد العزيز القهّارالمتكبّر لقوم آخر، و لا اعتراض عليه فيتخصيص كلّ من الفريقين بما خصّصوا به،فإنّه لو عكس الأمر لكان الاعتراض بحاله.
ثمّ اعلم إنّ كلّ ما في عالم الملك والملكوت له طباع خاصّ، يصدر منه آثار وأفعال مخصوصة، و كلّ طبع مسخّر لفعل خاصّ،كالنار للتسخين و الماء للتبريد، و له حدّمحدود لا يتجاوزه، و مقام معلوم لايتعدّاه من أعلى شواهق عالم الأمر إلىأدنى منازل عالم الخلق، إلّا الإنسانفإنّه مسخّر للاختيار (14)،
(5) نهج البلاغة: الخطبة 88 مع اختلاف يسير. (6)
مسلم كتاب الجنة و صفة نعيمها ج 17 ص 165. ورواه البخاري في كتاب الرقاق: ج 8 ص 127 بلفظ:«حجبت النار بالشهوات».