فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُالْمَيْمَنَةِ (8) وَ أَصْحابُالْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُالْمَشْئَمَةِ (9) وَ السَّابِقُونَالسَّابِقُونَ (10) فأصحاب الميمنة هم الذين تؤتون صحائفأعمالهم بأيمانهم، و أصحاب المشئمة همالذين تؤتونها بشمائلهم- و هما جميعا منأصحاب الأعمال و الغالب عليهم القوّةالعمليّة- لكن الطائفة الاولى مبدأأعمالهم العقل العملي- كما مرّ- بوساطةالإدراكات الباطنة الجزئيّة كالتخيّل وما يجري مجراه، و غايتها طلب الخيراتالمظنونة و السعادات المقبولة. و الطائفةالثانية مبدأ أعمالهم هو القوّة المحرّكةالحيوانيّة المسمّاة بالشوقيّة، بوساطةالإدراكات الحسيّة، و غايتها إمّا طلبالشهوة بالأكل و الجماع و ما يجريمجراهما، أو الغضب بالغلبة و الانتقام وما يشبههما.
و أمّا السابقون: فهم أعلى مرتبة من أنيكونوا من أهل العمل و إنّما شأنهم مشاهدةالحقايق و ملاحظة عظمة اللّه و ملكوته، وقد شغلهم اللّه بمحبّته عن محبّة ما سواه وأغناهم عن الطعام و الشراب و عن النظر إلىغيره.
فمنزلتهم منه منزلة الملائكة العلّيينالمجرّدين عن الأجرام كلّها و عن التعلّقبها سواء كانت من هذه الأجسام الكدرةالدنياويّة أو من الأجرام النورانيةالاخرويّة.
و عن الحسن «9»: المراد من أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة: أصحاب
(9) مجمع البيان، في تفسير سورة البلد: 10/ 496.