مفاتیح الشرائع

محمد محسن بن الشاه مرتضی ابن الشاه محمود ‏

جلد 8 -صفحه : 175/ 134
نمايش فراداده

بأن صار كل واحد من أولئك الأحبار رئيساًفي بلد، ثم اختلفوا بأن صار كل واحد منهميدعي أنه على الحق و أن صاحبه على الباطل،و أقول: إنك إذا أنصفت علمت أن أكثر علماءهذا الزمان صاروا موصوفين بهذه الصفةفنسأل اللّه العفو و الرحمة.

المسألة الرابعة:

إنما قال: مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُالْبَيِّناتُ و لم يقل (جاءتهم) لجواز حذفعلامة من الفعل إذا كان فعل المؤنثمتقدماً.

ثم قال تعالى: وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌعَظِيمٌ‏

يعني الذين تفرقوا لهم عذاب عظيم فيالآخرة بسبب تفرقهم، فكان ذلك زجراًللمؤمنين عن التفرق.

ثم قال تعالى: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌوَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ‏

اعلم أنه تعالى لما أمر اليهود ببعضالأشياء و نهاهم عن بعض، ثم أمر المسلمينبالبعض و نهاهم عن البعض أتبع ذلك بذكرأحوال الآخرة، تأكيداً للأمر، و في الآيةمسائل:

المسألة الأولى:

في نصب يَوْمَ وجهان‏الأول: أنه نصب علىالظرف، و التقدير: و لهم عذاب عظيم في هذااليوم، و على هذا التقدير ففيهفائدتان‏إحداهما: أن ذلك العذاب في هذااليوم، و الأخرى أن من حكم هذا اليوم أنتبيض فيه وجوه و تسود وجوه‏و الثاني: أنهمنصوب بإضمار (اذكر).

المسألة الثانية:

هذه الآية لها نظائر منها قوله تعالى: وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَكَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْمُسْوَدَّةٌ [الزمر: 60] و منها قوله وَ لايَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَ لاذِلَّةٌ [يونس: 26] و منها قوله وُجُوهٌيَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضاحِكَةٌمُسْتَبْشِرَةٌ وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍعَلَيْها غَبَرَةٌ تَرْهَقُها قَتَرَةٌ[عبسى: 38- 41] و منها قوله وُجُوهٌيَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى‏ رَبِّهاناظِرَةٌ وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌتَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ[القيامة: 22- 25] و منها قوله تَعْرِفُ فِيوُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ[المطففين: 24] و منها قوله يُعْرَفُالْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ [الرحمن: 41].

إذا عرفت هذا فنقول: في هذا البياض والسواد و الغبرة و القترة و النضرةللمفسرين قولان‏أحدهما: أن البياض مجازعن الفرح و السرور، و السواد عن الغم، وهذا مجاز مستعمل، قال تعالى: وَ إِذابُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى‏ ظَلَّوَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَ هُوَ كَظِيمٌ[النحل: 58] و يقال: لفلان عندي يد بيضاء، أيجلية سارة، و لما سلم الحسن بن علي رضياللّه عنه الأمر لمعاوية قال له بعضهم: يامسود وجوه المؤمنين، و لبعضهم في الشيب.


  • يا بياض القرون سودت وجهي فلعمري لأخفينك جهدي بسواد فيه بياض لوجهي و سواد لوجهكالملعون‏

  • عند بيضالوجوه سود القرون‏ عن عياني و عن عيانالعيون‏ و سواد لوجهكالملعون‏ و سواد لوجهكالملعون‏

و تقول العرب لمن نال بغيته و فاز بمطلوبه:ابيض وجهه و معناه الاستبشار و التهلل وعند التهنئة بالسرور يقولون: الحمد للّهالذي بيض وجهك، و يقال لمن وصل إليه مكروه:إربد وجهه و اغبر لونه و تبدلت صورته، فعلىهذا معنى الآية أن المؤمن يرد يوم القيامةعلى ما قدمت يداه فإن كان ذلك من الحسناتابيض وجهه‏