تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ [الملك: 2] و حكي عن إبراهيم عليهالسلام إنه قال في مناظرته مع الملكرَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ[البقرة: 258] فلو حصل لغيره، هذه الصفة لبطلذلك الاستدلال.
القرآن دلّ على أنه عليه الصلاة و السلامإنما تولد من نفخ جبريل عليه السلام فيمريم و جبريل صلّى الله عليه وسلّم روح محضو روحاني محض فلا جرم كانت نفخة عيسى عليهالسلام للحياة و الروح.
قوله بِإِذْنِ اللَّهِ معناه بتكويناللّه تعالى و تخليقه لقوله تعالى: وَ ماكانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّابِإِذْنِ اللَّهِ [آل عمران: 154] أى إلا بأنيوجد اللّه الموت، و إنما ذكر عيسى عليهالسلام هذا القيد إزالة للشبهة، و تنبيهاًعلى إني أعمل هذا التصوير، فأما خلقالحياة فهو من اللّه تعالى على سبيل إظهارالمعجزات على يد الرسل.
و اما النوع الثاني و الثالث و الرابع منالمعجزات فهو قوله: وَ أُبْرِئُالْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ أُحْيِالْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ.
ذهب أكثر أهل اللغة إلى أن الأكمه هو الذيولد أعمى، و قال الخليل و غيره هو الذي عميبعد أن كان بصيراً، و عن مجاهد هو الذي لايبصر بالليل، و يقال: إنه لم يكن في هذهالأمة أكمه غير قتادة بن دعامة السدوسيصاحب «التفسير»، و روي أنه عليه الصلاة والسلام ربما اجتمع عليه خمسون ألفاً منالمرضى من أطاق منهم أتاه، و من لم يطقأتاه عيسى عليه السلام، و ما كانت مداواتهإلا بالدعاء وحده، قال الكلبي: كان عيسىعليه السلام يحيي الأموات بيا حي يا قيوم وأحيا عاذر، و كان صديقاً له، و دعا سام بننوح من قبره، فخرج حياً، و مرّ على ابن ميتلعجوز فدعا اللّه، فنزل عن سريره حياً، ورجع إلى أهله و ولد له، و قوله بِإِذْنِاللَّهِ رفع لتوهم من اعتقد فيه الإلهية.
و أما النوع الخامس من المعجزات إخباره عنالغيوب فهو قوله تعالى حكاية عنه وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَ ماتَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ و فيهمسألتان:
في هذه الآية قولانأحدهما: أنه عليهالصلاة و السلام كان من أول مرة يخبر عنالغيوب، روى السدي: أنه كان يلعب معالصبيان، ثم يخبرهم بأفعال آبائهم وأمهاتهم، و كان يخبر الصبي بأن أمك قد خبأتلك كذا فيرجع الصبي إلى أهله و يبكي إلى أنيأخذ ذلك الشيء ثم قالوا لصبيانهم: لاتلعبوا مع هذا الساحر، و جمعوهم في بيت،فجاء عيسى عليه السلام يطلبهم، فقالوا له،ليسوا في البيت، فقال: فمن في هذا البيت،قالوا: خنازير قال عيسى عليه السلام كذلكيكونون فإذا هم خنازير.
و القول الثاني: إن الإخبار عن الغيوبإنما ظهر وقت نزول المائدة، و ذلك لأنالقوم نهوا عن الادخار، فكانوا يخزنون ويدخرون، فكان عيسى عليه السلام يخبرهمبذلك.
الإخبار عن الغيوب على هذا الوجه معجزة، وذلك لأن المنجمين الذين يدعون استخراجالخير لا يمكنهم ذلك إلا عن سؤال يتقدم ثميستعينون عند ذلك بآلة و يتوصلون بها إلىمعرفة أحوال الكواكب، ثم