مفاتیح الشرائع

محمد محسن بن الشاه مرتضی ابن الشاه محمود ‏

جلد 8 -صفحه : 175/ 48
نمايش فراداده

وهب بن منبه: إن عيسى عليه السلام كان علىشريعة موسى عليه السلام كان يقرر السبت ويستقبل بيت المقدس،

ثم إنه فسّر قوله وَ لِأُحِلَّ لَكُمْبَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْبأمرين‏

أحدهما:

إن الأحبار كانوا قد وضعوا من عند أنفسهمشرائع باطلة و نسبوها إلى موسى، فجاء عيسىعليه السلام و رفعها و أبطلها و أعاد الأمرإلى ما كان في زمن موسى عليه السلام‏

و الثاني:

أن اللّه تعالى كان قد حرم بعض الأشياءعلى اليهود عقوبة لهم على بعض ما صدر عنهممن الجنايات كما قال اللّه تعالى:فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُواحَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍأُحِلَّتْ لَهُمْ [النساء: 160] ثم بقي ذلكالتحريم مستمراً على اليهود فجاء عيسىعليه السلام و رفع تلك التشديدات عنهم، وقال آخرون: إن عيسى عليه السلام رفع كثيراًمن أحكام التوراة، و لم يكن ذلك قادحاً فيكونه مصدقاً بالتوراة على ما بيناه و رفعالسبت و وضع الأحد قائماً مقامه و كانمحقاً في كل ما عمل لما بينا أن الناسخ والمنسوخ كلاهما حق و صدق.

ثم قال: وَ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْرَبِّكُمْ و إنما أعاده لأن إخراج الإنسانعن المألوف المعتاد من قديم الزمان عسرفأعاد ذكر المعجزات ليصير كلامه ناجعا فيقلوبهم و مؤثراً في طباعهم، ثم خوفهم فقال:فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُونِ لأنطاعة الرسول من لوازم تقوى اللّه تعالىفبيّن أنه إذا لزمكم أن تتقوا اللّه لزمكمأن تطيعوني فيما آمركم به عن ربي، ثم إنهختم كلامه بقوله إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ و مقصوده إظهار الخضوع والاعتراف بالعبودية لكيلا يتقولوا عليهالباطل فيقولون: إنه إليه و ابن إله لأنإقراره للّه بالعبودية يمنع ما تدعيه جهالالنصارى عليه، ثم قال: فَاعْبُدُوهُ والمعنى: أنه تعالى لما كان رب الخلائقبأسرهم وجب على الكل أن يعبدوه، ثم أكد ذلكبقوله هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ.

[سورة آل‏عمران (3): الآيات 52 الى 54]

فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى‏ مِنْهُمُالْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَىاللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُأَنْصارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّناآمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَ اتَّبَعْنَاالرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَالشَّاهِدِينَ (53) وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَاللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ(54)

اعلم أنه تعالى لما حكى بشارة مريم بولدمثل عيسى و استقصى في بيان صفاته و شرحمعجزاته و ترك ههنا قصة ولادته، و قد ذكرهافي سورة مريم على الاستقصاء، شرع في بيانأن عيسى لما شرح لهم تلك المعجزات، و أظهرلهم تلك الدلائل فهم بماذا عاملوه‏

فقال تعالى: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى‏مِنْهُمُ و في الآية مسائل:

المسألة الأولى:

الإحساس عبارة عن وجدان الشي‏ء بالحاسة وههنا وجهان‏أحدهما: أن يجري اللفظ علىظاهره، و هو أنهم تكلموا بالكفر، فأحس ذلكبإذنه‏و الثاني: أن نحمله على التأويل، وهو أن المراد أنه عرف منهم إصرارهم علىالكفر، و عزمهم على قتله، و لما كان ذلكالعلم علما لا شبهة فيه، مثل العلم الحاصلمن الحواس، لا جرم عبر عن ذلك العلمالإحساس.

المسألة الثانية:

اختلفوا في السبب الذي به ظهر كفرهم علىوجوه‏الأول: قال السدي: أنه تعالى لمابعثه رسولًا إلى بني إسرائيل جاءهم ودعاهم إلى دين اللّه فتمردوا و عصوافخافهم و اختفى عنهم، و كان أمر عيسى عليهالسلام في قومه كأمر محمد صلّى الله عليهوسلّم و هو بمكة فكان مستضعفاً، و كانيختفي من بني إسرائيل كما اختفى النبيصلّى الله عليه وسلّم في‏