واجب، فدخول التخصيص في المعطوف، لا يوجبدخول التخصيص في المعطوف عليه، و يمكنالجواب عن أصل الاستدلال فيقال: رؤيةاللّه تعالى حاصلة في الحال. و المعنى الذييدل عليه لفظ الآية و هو قوله:
فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ أمر غيرحاصل في الحال، لأن السين تختصبالاستقبال. فثبت أن المراد منه الجزاءعلى الأعمال. فقوله: فَسَيَرَى اللَّهُعَمَلَكُمْ أي فسيوصل لكم جزاء أعمالكم. ولمجيب أن يجيب عنه، بأن إيصال الجزاءإليهم مذكور بقوله: فَيُنَبِّئُكُمْ بِماكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فلو حملنا هذهالرؤية على إيصال الجزاء لزم التكرار، وأنه غير جائز.
و هو أن عملهم لا يراه كل أحد، فما معنىهذا الكلام؟ و الجواب: معناه وصول خبر ذلكالعمل إلى الكل. قال عليه السلام «لو أنرجلا عمل عملا في صخرة لا باب لها و لا كوةلخرج عمله إلى الناس كائنا ما كان».
فإن قيل: فما الفائدة في ذكر الرسول والمؤمنين بعد ذكر اللّه في أنهم يرونأعمال هؤلاء التائبين؟
قلنا: فيه وجهان: الوجه الأول: أن أجدر مايدعو المرء إلى العمل الصالح ما يحصل له منالمدح و التعظيم و العز الذي يلحقه عندذلك، فإذا علم أنه إذا فعل ذلك الفعل عظمهالرسول و المؤمنون، عظم فرحه بذلك و قويترغبته فيه، و مما ينبه على هذه الدقيقة أنهذكر رؤية اللّه تعالى أولا، ثم ذكر عقيبهارؤية الرسول عليه السلام و المؤمنين،فكأنه قيل: إن كنت من المحقين المحققين فيعبودية الحق، فاعمل الأعمال الصالحة للّهتعالى، و إن كنت من الضعفاء المشغولينبثناء الخلق فاعمل الأعمال الصالحة لتفوزبثناء الخلق، و هو الرسول و المؤمنون.
في الجواب ما ذكره أبو مسلم:أن المؤمنين شهداء اللّه يوم القيامة كماقال: وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةًوَسَطاً [البقرة:
] الآية، و الرسول شهيدالأمة، كما قال: فَكَيْفَ إِذا جِئْنامِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنابِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً [النساء: 41]فثبت أن الرسول و المؤمنين شهداء اللّهيوم القيامة، و الشهادة لا تصح إلا بعدالرؤية، فذكر اللّه أن الرسول عليه السلامو المؤمنين يرون أعمالهم، و المقصودالتنبيه على أنهم يشهدون يوم القيامة عندحضور الأولين و الآخرين، بأنهم أهل الصدقو السداد و العفاف و الرشاد.
ثم قال تعالى: وَ سَتُرَدُّونَ إِلىعالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ و فيهمسائل:
و أقول لا يبعد أن يكون الغيب ما حصل فيقلوبهم من الدواعي و الصوارف، و الشهادةالأعمال التي تظهر على جوارحهم، و أقولأيضا مذهب حكماء الإسلام أن الموجوداتالغائبة عن الحواس علل أو كالعللللموجودات المحسوسات، و عندهم أن العلمبالعلة علة للعلم بالمعلول. فوجب كونالعلم بالغيب سابقا على العلم بالشهادة،فلهذا السبب أينما جاء هذا الكلام فيالقرآن كان الغيب مقدما على الشهادة.
و إن حملنا تلك الرؤية على العلم أو علىإيصال الثواب