مفاتیح الشرائع

محمد محسن بن الشاه مرتضی ابن الشاه محمود ‏

جلد 16 -صفحه : 177/ 158
نمايش فراداده

صح فيه فعل صح أفعل. ألا ترى أنه يجوز أنيقال كسره، و لا يجوز أن يقال أكسره، بليجب فيه الرجوع إلى السماع.

و الوجه الثالث:

في تفسير الآية، و ما كاناللّه ليوقع الضلالة في قلوبهم بعد الهدى،حتى يكون منهم الأمر الذي به يستحق العقاب.

المسألة الثانية: قالت المعتزلة: حاصلالآية أنه تعالى لا يؤاخذ أحدا إلا بعد أنيبين له كون ذلك الفعل قبيحا، و منهيا عنه.

و قرر ذلك بأنه عالم بكل المعلومات، و هوقوله: إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍعَلِيمٌ و بأنه قادر على كل الممكنات، و هوقوله: لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَ يُمِيتُ فكانالتقدير: أن من كان عالما قادرا هكذا، لميكن محتاجا، و العالم القادر الغني لايفعل القبيح و العقاب قبل البيان. و إزالةالعذر قبيح، فوجب أن لا يفعله اللّهتعالى، فنظم الآية إنما يصح إذا فسرناهابهذا الوجه، و هذا يقتضي أنه يقبح من اللّهتعالى الابتداء بالعقاب و أنتم لا تقولونبه.

و الجواب:

أن ما ذكرتموه يدل على أنه تعالىلا يعاقب إلا بعد التبيين، و إزالة العذر وإزاحة العلة، و ليس فيها دلالة على أنهتعالى ليس له ذلك، فسقط ما ذكرتموه في هذاالباب.

ثم قال تعالى: لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَ يُمِيتُ‏

في ذكر هذا المعنى ههنا فوائد: إحداها: أنهتعالى لما أمر بالبراءة من الكفار بين أنهله ملك السموات و الأرض، فإذا كان هو ناصرالكم، فهم لا يقدرون على إضراركم، و ثانيها:أن القوم من المسلمين قالوا: لما أمرتنابالانقطاع من الكفار، فحينئذ لا يمكننا أننختلط بآبائنا و أولادنا و إخواننا لأنهربما كان الكثير منهم كافرين، و المرادأنكم إن صرتم محرومين عن معاونتهم ومناصرتهم. فالإله الذي هو المالك للسمواتو الأرض و المحيي و المميت ناصركم، فلايضركم أن ينقطعوا عنكم. و ثالثها: أنهتعالى لما أمر بهذه التكاليف الشاقة كأنهقال وجب عليكم أن تنقادوا لحكمي و تكليفيلكوني إلهكم و لكونكم عبيدا لي.

[سورة التوبة (9): آية 117]

لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِالَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِالْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُقُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَعَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌرَحِيمٌ (117)

اعلم أنه تعالى لما استقصى في شرح أحوالغزوة تبوك و بين أحوال المتخلفين عنها، وأطال القول في ذلك على الترتيب الذيلخصناه في هذا التفسير، عاد في هذه الآيةإلى شرح ما بقي من أحكامها. و من بقية تلكالأحكام أنه قد صدر عن رسول اللّه صلّىالله عليه وسلّم نوع زلة جارية مجرى تركالأولى، و صدر أيضا عن المؤمنين نوع زلة،فذكر تعالى أنه تفضل عليهم و تاب عليهم فيتلك الزلات.

فقال: لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَىالنَّبِيِّ و في الآية مسائل:

المسألة الأولى: دلت الأخبار على أن هذاالسفر كان شاقا شديدا على الرسول عليهالصلاة و السلام و على المؤمنين،

على ما سيجي‏ء شرحها، و هذا يوجب الثناء،فكيف يليق بها قوله: لَقَدْ تابَ اللَّهُعَلَى النَّبِيِّ وَ الْمُهاجِرِينَ.