مفاتیح الشرائع

محمد محسن بن الشاه مرتضی ابن الشاه محمود ‏

جلد 16 -صفحه : 177/ 172
نمايش فراداده

السورة لا يوجب ذلك الكفر الزائد، بدليلأن الآخرين سمعوا تلك السورة و ازدادواإيمانا. فثبت أن تلك الرجاسة هم فعلوها منقبل أنفسهم.

قلنا: لا ندعي أن استماع هذه السورة سببمستقل بترجيح جانب الكفر على جانبالإيمان، بل نقول استماع هذه السورة للنفسالمخصوصة و الموصوفة بالخلق المعين والعادة المعينة. يوجب الكفر. و الدليل عليهأن الإنسان الحسود لو أراد إزالة خلقالحسد عن نفسه، يمكنه أن يترك الأفعالالمشعرة بالحسد، و أما الحالة القلبيةالمسماة بالحسد، فلا يمكنه إزالتها عننفسه، و كذا القول في جميع الأخلاق فأصلالقدرة غير، و الفعل غير، و الخلق غير، فإنأصل القدرة حاصل للكل أما الأخلاق فالناسفيها متفاوتون. و الحاصل أن النفس الطاهرةالنقية عن حب الدنيا الموصوفة باستيلاء حباللّه تعالى و الآخرة إذا سمعت السورة صارسماعها موجبا لازدياد رغبته في الآخرة ونفرته عن الدنيا، و أما النفس الحريصة علىالدنيا المتهالكة على لذاتها الراغبة فيطيباتها الغافلة عن حب اللّه تعالى والآخرة، إذا سمعت هذه السورة المشتملة علىالجهاد و تعريض النفس للقتل و المال للنهبازداد كفرا على كفره. فثبت أن إنزال هذهالسورة في حق هذا الكافر موجب لأن يزيدرجسا على رجس، فكان إنزالها سببا في تقويةالكفر على قلب الكافر و ذلك يدل على ماذكرنا أنه تعالى قد يصد الإنسان و يمنعه عنالإيمان و الرشد و يلقيه في الغي و الكفر.

بقي في الآية مباحث: الأول: ما في قوله: وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ صلة مؤكدة.الثاني: الاستبشار استدعاء البشارة، لأنهكلما تذكر تلك النعمة حصلت البشارة، فهوبواسطة تجديد ذلك التذكر يطلب تجديدالبشارة. الثالث: قوله: وَ أَمَّاالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يدلعلى أن الروح لها مرض، فمرضها الكفر والأخلاق الذميمة، و صحتها العلم و الأخلاقالفاضلة. و اللّه أعلم.

[سورة التوبة (9): آية 126]

أَ وَ لا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَفِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَ لا هُمْيَذَّكَّرُونَ (126)

اعلم أن اللّه تعالى لما بين أن الذين فيقلوبهم مرض يموتون و هم كافرون، و ذلك يدلعلى عذاب الآخرة، بين أنهم لا يتخلصون فيكل عام مرة أو مرتين عن عذاب الدنيا

و فيه مسائل:

المسألة الأولى: قرأ حمزة أ و لا ترونبالتاء على الخطاب للمؤمنين، و الباقونبالياء خبرا عن المنافقين،

فعلى قراءة المخاطبة، كان المعنى أنالمؤمنين نبهوا على إعراض المنافقين عنالنظر و التدبر، و من قرأ على المغايبة،كان المعنى تقريع المنافقين بالإعراض عنالاعتبار بما يحدث في حقهم من الأمورالموجبة للاعتبار.

المسألة الثانية: قال الواحدي رحمه اللّه:قوله: أَ وَ لا يَرَوْنَ هذه ألف الاستفهامدخلت على واو العطف،

فهو متصل بذكر المنافقين، و هو خطاب علىسبيل التنبيه قال سيبويه عن الخليل فيقوله: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً المعنى: أنهأنزل اللّه من السماء ماء فكان كذا و كذا.

المسألة الثالثة: ذكروا في هذه الفتنةوجوها:

الأول: قال ابن عباس رضي اللّه عنهمايمتحنون بالمرض في كل عام مرة أو مرتين، ثملا يتوبون من ذلك النفاق و لا يتعظون بذلكالمرض، كما يتعظ بذلك المؤمن إذا