مفاتیح الشرائع

محمد محسن بن الشاه مرتضی ابن الشاه محمود ‏

جلد 16 -صفحه : 177/ 26
نمايش فراداده

و استخلف عليهم رجلا اسمه نسطور، و علمهأن عيسى و مريم و الإله كانوا ثلاثة، وتوجه إلى الروم وعلمهم اللاهوت والناسوت،و قال: ما كان عيسى إنسانا و لا جسما ولكنهاللّه، و علم رجلا آخر يقال له يعقوب ذلك،ثم دعا رجلا يقال له ملكا فقال له: إن الإلهلم يزل و لا يزال عيسى، ثم دعا لهؤلاءالثلاثة و قال لكل واحد منهم أنت خليفتيفادع الناس إلى إنجيلك، و لقد رأيت عيسى فيالمنام ورضي عني، و إني غدا أذبح نفسلمرضاة عيسى، ثم دخل المذبح فذبح نفسه، ثمدعا كل واحد من هؤلاء الثلاثة الناس إلىقوله و مذهبه، فهذا هو السبب في وقوع هذاالكفر في طوائف النصارى، هذا ما حكاهالواحدي رحمه اللّه تعالى، و الأقرب عنديأن يقال لعله ورد لفظ الابن في الإنجيل علىسبيل التشريف، كما ورد لفظ الخليل في حقإبراهيم على سبيل التشريف، ثم إن القوملأجل عداوة اليهود و لأجل أن يقابلواغلوهم الفاسد في أحد الطرفين بغلو فاسد فيالطرف الثاني، فبالغوا و فسروا لفظ الابنبالبنوة الحقيقية و الجهال، قبلوا ذلك، وفشا هذا المذهب الفاسد في أتباع عيسى عليهالسلام، و اللّه أعلم بحقيقة الحال.

المسألة الثالثة: قرأ عاصم و الكسائي وعبد الوارث عن أبي عمرو عُزَيْرٌ بالتنوينو الباقون بغير التنوين.

قال الزجاج: الوجه إثبات التنوين. فقوله:عُزَيْرٌ مبتدأ وقوله: ابْنُ اللَّهِخبره، و إذا كان كذلك فلا بد من التنوين فيحال السعة لأن عزيرا ينصرف سواء كانأعجميا أو عربيا، و سبب كونه منصرفا أمران:أحدهما: أنه اسم خفيف فينصرف، و إن كانأعجميا كهود و لوطو الثاني: أنه على صيغةالتصغير و أن الأسماء الأعجمية لا تصغر، وأما الذين تركوا التنوين فلهم فيه ثلاثةأوجه:

الوجه الأول:

أنه أعجمي و معرفة، فوجب أنلا ينصرف.

الوجه الثاني:

أن قوله: ابْنُ صفة و الخبرمحذوف و التقدير: عزير ابن اللّه معبودنا،و طعن عبد القاهر الجرجاني في هذا الوجه فيكتاب «دلائل الإعجاز»، و قال الاسم إذاوصف بصفة ثم أخبر عنه فمن كذبه انصرفالتكذيب إلى الخبر، و صار ذلك الوصف مسلمافلما كان المقصود بالإنكار هو قولهم عزيرابن اللّه معبودنا، لتوجه الإنكار إلىكونه معبودا لهم، و حصل كونه ابنا للَّه، ومعلوم أن ذلك كفر، و هذا الطعن عندي ضعيف.أما قوله إن من أخبر عن ذات موصوفة بصفةبأمر من الأمور وأنكره منكر، توجه الإنكارإلى الخبر فهذا مسلم. و أما قوله: و يكونذلك تسليما لذلك الوصف فهذا ممنوع، لأنهلا يلزم من كونه مكذبا لذلك الخبربالتكذيب أن يدل على أن ما سواه لا يكذبهبل يصدقه، و هذا بناء على دليل الخطاب و هوضعيف لا سيما في مثل هذا المقام.

الوجه الثالث:

قال الفراء: نون التنوينساكنة من عزير، و الباء في قوله: ابْنُاللَّهِ ساكنة فحصل ههنا التقاءالساكنين، فحذف نون التنوين للتخفيف، وأنشد الفراء:


  • فألفيته غير مستعتب و لا ذاكر اللّه إلاقليلا

  • و لا ذاكر اللّه إلاقليلا و لا ذاكر اللّه إلاقليلا

و اعلم أنه لما حكى عنهم بهذه الحكاية قال:ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ.

و لقائل أن يقول: إن كل قول إنما يقالبالفم فما معنى تخصيصهم لهذا القول بهذهالصفة.

و الجواب من وجوه: الأول: أن يراد به قول لايعضده برهان فما هو إلا لفظ يفوهون به فارغمن معنى معتبر لحقه، و الحاصل أنهم قالواباللسان قولا، ولكن لم يحصل عند العقل منذلك القول أثر، لأن إثبات‏