مفاتیح الشرائع

محمد محسن بن الشاه مرتضی ابن الشاه محمود ‏

جلد 16 -صفحه : 177/ 45
نمايش فراداده

عن الجهاد أمر منكر، ولو لم يكن الجهادواجبا لما كان هذا التثاقل منكرا، و ليسلقائل أن يقول الجهاد إنما يجب في الوقتالذي يخاف هجوم الكفار فيه، لأنه عليهالسلام ما كان يخاف هجوم الروم عليه، و معذلك فقد أوجب الجهاد معهم، و منافع الجهادمستقصاة في سورة آل عمران، و أيضا هو واجبعلى الكفاية، فإذا قام به البعض سقط عنالباقين.

المسألة الخامسة: لقائل أن يقول إن قوله:يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خطاب مع كلالمؤمنين.

ثم قال: ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُانْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِاثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ و هذا يدلعلى أن كل المؤمنين كانوا متثاقلين في ذلكالتكليف، و ذلك التثاقل معصية، و هذا يدلعلى إطباق كل الأمة على المعصية و ذلك يقدحفي أن إجماع الأمة حجة.

الجواب:

أن خطاب الكل لإرادة البعض مجازمشهور في القرآن، و في سائر أنواع الكلامكقوله:

إياك أعني و اسمعي يا جاره‏

[سورة التوبة (9): آية 39]

إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْعَذاباً أَلِيماً وَ يَسْتَبْدِلْقَوْماً غَيْرَكُمْ وَ لا تَضُرُّوهُشَيْئاً وَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍقَدِيرٌ (39)

و في الآية مسائل:

المسألة الأولى: اعلم أنه تعالى لما رغبهمفي الآية الأولى في الجهاد بناء علىالترغيب في ثواب الآخرة، رغبهم في هذهالآية في الجهاد

بناء على أنواع أخر من الأمور المقويةللدواعي، و هي ثلاثة أنواع:

الأول:

قوله تعالى: يُعَذِّبْكُمْعَذاباً أَلِيماً.

و اعلم أن يحتمل أن يكون المراد منه عذابالدنيا، و أن يكون المراد منه عذاب الآخرة.و قال ابن عباس رضي اللّه عنهما: استنفررسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم القومفتثاقلوا، فأمسك اللّه عنهم المطر. و قالالحسن: اللّه أعلم بالعذاب الذي كان ينزلعليهم. و قيل المراد منه عذاب الآخرة إذالأليم لا يليق إلا به. و قيل إنه تهديد بكلالأقسام، و هي عذاب الدنيا و عذاب الآخرة،و قطع منافع الدنيا و منافع الآخرة.الثاني: قوله: وَ يَسْتَبْدِلْ قَوْماًغَيْرَكُمْ و المراد تنبيههم على أنهتعالى متكفل بنصره على أعدائه، فإن سارعوامعه إلى الخروج حصلت النصرة بهم، و إنتخلفوا وقعت النصرة بغيرهم، و حصل العتبىلهم لئلا يتوهموا أن غلبة أعداء الدين و عزالإسلام لا يحصل إلا بهم، و ليس في النصدلالة على أن ذلك المعنى منهم، و نظيرهقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَآمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْدِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُبِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ[المائدة: 54] ثم اختلف المفسرون فقال ابنعباس:

هم التابعون و قال سعيد بن جبير: هم أبناءفارس. و قال أبو روق: هم أهل اليمن، وهذهالوجوه ليست تفسيرا للآية، لأن الآية ليسفيها إشعار بها، بل حمل ذلك الكلام المطلقعلى صورة معينة شاهدوها. قال الأصم:

معناه أن يخرجه من بين أظهركم، و هيالمدينة. قال القاضي: هذا ضعيف لأن اللفظلا دلالة فيه على أنه عليه السلام ينقل منالمدينة إلى غيرها، فلا يمتنع أن يظهراللّه في المدينة أقواما يعينونه علىالغزو، و لا يمتنع أن يعينه بأقوام منالملائكة أيضا حال كونه هناك، و الثالث:قوله: وَ لا تَضُرُّوهُ شَيْئاً و الكنايةفي قول الحسن:

راجعة إلى اللّه تعالى، أي لا تضروا اللّهلأنه غني عن العالمين، و في قول الباقينيعود إلى الرسول، أي لا