مفاتیح الشرائع

محمد محسن بن الشاه مرتضی ابن الشاه محمود ‏

جلد 16 -صفحه : 177/ 46
نمايش فراداده

تضروا الرسول لأن اللّه عصمه من الناس، ولأنه تعالى لا يخذله إن تثاقلتم عنه.

ثم قال: وَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍقَدِيرٌ و هو تنبيه على شدة الزجر من حيثإنه تعالى قادر لا يجوز عليه العجز، فإذاتوعد بالعقاب فعل.

المسألة الثانية: قال الحسن و عكرمة: هذهالآية منسوخة

بقوله: وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَلِيَنْفِرُوا كَافَّةً [التوبة: 122] قالالمحققون: إن هذه الآية خطاب لمن استنفرهمرسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فلمينفروا، و على هذا التقدير فلا نسخ. قالالجبائي: هذه الآية تدل على وعيد أهلالصلاة حيث بين أن المؤمنين إن لم ينفروايعذبهم عذابا أليما و هو عذاب النار، فإنترك الجهاد لا يكون إلا من المؤمنين، فبطلبذلك قول المرجئة إن أهل الصلاة لا وعيدلهم، و إذا ثبت الوعيد لهم في ترك الجهادفكذا في غيره، لأنه لا قائل بالفرق، و اعلمأن مسألة الوعيد ذكرناها بالاستقصاء فيسورة البقرة.

المسألة الثالثة: قال القاضي: هذه الآيةدالة على وجوب الجهاد،

سواء كان مع الرسول أو لا معه، لأنه تعالىقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مالَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا و لمينص على أن ذلك القائل هو الرسول.

فإن قالوا: يجب أن يكون المراد هو الرسوللقوله تعالى: وَ يَسْتَبْدِلْ قَوْماًغَيْرَكُمْ و لقوله: وَ لا تَضُرُّوهُشَيْئاً إذ لا يمكن أن يكون المراد بذلكإلا الرسول.

قلنا: خصوص آخر الآية لا يمنع من عمومأولها على ما قررنا في أصول الفقه.

[سورة التوبة (9): آية 40]

إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُاللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَكَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِيالْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لاتَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنافَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُعَلَيْهِ وَ أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْتَرَوْها وَ جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَكَفَرُوا السُّفْلى‏ وَ كَلِمَةُاللَّهِ هِيَ الْعُلْيا وَ اللَّهُعَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)

اعلم أن هذا ذكر طريق آخر في ترغيبهم فيالجهاد، و ذلك لأنه تعالى ذكر في الآيةالأولى أنهم إن لم ينفروا باستنفاره، و لميشتغلوا بنصرته فإن اللّه ينصره بدليل أناللّه نصره و قواه، حال ما لم يكن معه إلارجل واحد، فههنا أولى،

و في الآية مسائل:

المسألة الأولى: لقائل أن يقول: كيف يكونقوله: فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ جواباللشرط؟

و جوابه أن التقدير إلا تنصروه، فسينصرهمن نصره حين ما لم يكن معه إلا رجل واحد، ولا أقل من الواحد و المعنى أنه ينصره الآنكما نصره في ذلك الوقت.

المسألة الثانية: قوله: إِذْ أَخْرَجَهُالَّذِينَ كَفَرُوا يعني قد نصره اللّه فيالوقت الذي أخرجه الذين كفروا من مكة

و قوله: ثانِيَ اثْنَيْنِ نصب على الحال،أي في الحال التي كان فيها ثانِيَاثْنَيْنِ و تفسير قوله:

ثانِيَ اثْنَيْنِ سبق في قوله: ثالِثُثَلاثَةٍ [المائدة: 73] و تحقيق القول أنهإذا حضر اثنان فكل واحد منهما يكون ثانيافي ذينك الاثنين الآخر فلهذا السبب قالوا:يقال فلان ثاني اثنين، أي هو أحدهما. قالصاحب «الكشاف»: وقرى‏ء ثانِيَ اثْنَيْنِبالسكون و إِذْ هُما بدل من قوله: إِذْأَخْرَجَهُ و الغار ثقب‏