لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْإِلاَّ خَبالاً وَ لَأَوْضَعُواخِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَوَ فِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47)
[في قوله تعالى لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مازادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُالْفِتْنَةَ]
اعلم أنه تعالى بين في هذه الآية أنواعالمفاسد الحاصلة من خروجهم و هي ثلاثة:الأول: قوله: لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مازادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا
و فيه مسائل:
و منه يسمى العته بالخبل، و المعتوهبالمخبول، و للمفسرين عبارات قال الكلبي:إلا شرا، و قال يمان: إلا مكرا، و قيل: إلاغيا، و قال الضحاك: إلا غدرا، و قيل: الخبالالاضطراب في الرأي، و ذلك بتزيين أمر لقومو تقبيحه لقوم أخرين، ليختلفوا و تفترقكلمتهم.
و هو أن لا يكون المستثنى من جنس المستثنىمنه، كقولك: ما زادوكم خيرا إلا خبالا، وههنا المستثنى منه غير مذكور و إذا لم يذكروقع الاستثناء من الأعم و العام هوالشيء، فكان الاستثناء متصلا، والتقدير: ما زادوكم شيئا إلا خبالا.
و بين في هذه الآية أنه إنما كره ذلكالانبعاث لكونه مشتملا على هذا الخبال والشر و الفتنة، و ذلك يدل على أنه تعالىيكره الشر و الفتنة و الفساد على الإطلاق،و لا يرضى إلا بالخير، و لا يريد إلاالطاعة.
من المفساد الناشئة منخروجهم قوله تعالى: وَ لَأَوْضَعُواخِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَوفي الإيضاح قولان نقلهما الواحدي.
القول الأول: وهو قول أكثر أهل اللغة، أنالإيضاع حمل البعير على العدو، و لا يجوزأن يقال:
أوضع الرجل إذا سار بنفسه سيرا حثيثا.يقال: وضع البعير إذا عدا و أوضعه الراكبإذا حمله عليه قال الفراء:
العرب تقول: وضعت الناقة، و أوضع الراكب،و ربما قالوا للراكب وضع.
و القول الثاني: وهو قول الأخفش و أبي عبيدأنه يجوز أن يقال: أوضع الرجل إذا ساربنفسه سيرا حثيثا من غير أن يراد أنه وضعناقته، روى أبو عبيد أن النبي صلّى اللهعليه وسلّم أفاض من عرفة و عليه السكينة وأوضع في وادي محسر و قال لبيد:
أراد مسرعين، و لا يجوز أن يكون يريدموضعين الإبل لأنه لم يرد السير فيالطريق، و قال عمر بن أبي ربيعة:
قال الواحدي: و الآية تشهد لقول الأخفش وأبي عبيد.
و اعلم أن على القولين: فالمراد من الآيةالسعي بين المسلمين بالتضريب و النمائم،فإن اعتبرنا القول الأولكان المعنى: ولأوضعوا ركائبهم بينكم، و المراد الإسراعبالنمائم، لأن الراكب أسرع من الماشي، وإن اعتبرنا القول الثاني كان المراد أنهميسرعون في هذا التضريب.