بمعنى قلة العدد. الثاني: قال بعضهم:المراد أولاد من دعاهم، لأن الآباءاستمروا على الكفر، إما لأن قلوب الأولادألين أو دواعيهم على الثبات على الكفر أخف.الثالث: أن الذرية قوم كان آباؤهم من قومفرعون و أمهاتهم من بني إسرائيل. الرابع:الذرية من آل فرعون آسية امرأة فرعون وخازنه و امرأة خازنه و ماشطتها.
و أما الضمير في قوله: مِنْ قَوْمِهِ فقداختلفوا أن المراد من قوم موسى أو من قومفرعون، لأن ذكرهما جميعا قد تقدم و الأظهرأنه عائد إلى موسى، لأنه أقرب المذكورين ولأنه نقل أن الذين آمنوا به كانوا من بنيإسرائيل.
أما قوله: عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَوَ مَلَائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ ففيهأبحاث:
أن أولئك الذين آمنوا بموسىكانوا خائفين من فرعون جدا،
لأنه كان شديد البطش و كان قد أظهرالعداوة مع موسى، فإذا علم ميل القوم إلىموسى كان يبالغ في إيذائهم، فلهذا السببكانوا خائفين منه.
إنما قال: وَ مَلَائِهِمْمع أن فرعون واحد لوجوه:
الأول: أنه قد يعبر عن الواحد بلفظ الجمع،و المراد التعظيم قال اللَّه تعالى:إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ[الحجر: 9] الثاني: أن المراد بفرعون آلفرعون. الثالث: أن هذا من باب حذف المضافكأنه أريد بفرعون آل فرعون.
ثم قال: أَنْ يَفْتِنَهُمْ أي يصرفهم عندينهم بتسليط أنواع البلاء عليهم.
ثم قال: وَ إِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِيالْأَرْضِ
أي لغالب فيها قاهر وَ إِنَّهُ لَمِنَالْمُسْرِفِينَ قيل: المراد أنه كثيرالقتل كثير التعذيب لمن يخالفه في أمر منالأمور، و الغرض منه بيان السبب في كونأولئك المؤمنين خائفين، و قيل: إنما كانمسرفا لأنه كان من أخس العبيد فادعىالإلهية.
وَ قالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْآمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ(84) فَقالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنارَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةًلِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85) وَ نَجِّنابِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِالْكافِرِينَ (86)
في الآية مسائل:
جزاء معلق على شرطين:
أحدهما متقدم و الآخر متأخر، و الفقهاءقالوا: المتأخر يجب أن يكون متقدما والمتقدم يجب أن يكون متأخرا و مثاله أنيقول الرجل لامرأته: إن دخلت الدار فأنتطالق إن كلمت زيدا و إنما كان الأمر كذلك،لأن مجموع قوله: إن دخلت الدار فأنت طالق،صار مشروطا بقوله إن كلمت زيدا، و المشروطمتأخر عن الشرط، و ذلك يقتضي أن يكونالمتأخر في اللفظ متقدما في المعنى، و أنيكون المتقدم في اللفظ متأخرا في المعنى والتقدير: كأنه يقول لامرأته حال ما كلمتزيدا إن دخلت الدار فأنت طالق، فلو حصل هذاالتعليق قبل إن كلمت زيدا لم يقع الطلاق.
إذا عرفت هذا فنقول: قوله: إِنْ كُنْتُمْآمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَيقتضي أن يكون كونهم مسلمين شرطا لأنيصيروا مخاطبين بقوله: إِنْ كُنْتُمْآمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِتَوَكَّلُوا فكأنه تعالى يقول للمسلم حالإسلامه إن كنت من المؤمنين باللَّه فعلىاللَّه توكل، و الأمر كذلك، لأن الإسلامعبارة عن الاستسلام، و هو إشارة إلىالانقياد للتكاليف الصادرة عن اللَّهتعالى و إظهار الخضوع و ترك التمرد، و أماالإيمان فهو عبارة عن صيرورة القلب عارفابأن واجب الوجود لذاته و احد و أن ما سواهمحدث مخلوق تحت تدبيره و قهره و تصرفه، وإذا حصلت