الصلاة و السلام. قال اللَّه تعالى:فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَإِلَيْهِمْ وَ لَنَسْئَلَنَّالْمُرْسَلِينَ [الأعراف: 6] و الفائدة فياعتبار قول الأشهاد المبالغة في إظهارالفضيحة.
الأشهاد جمع فما واحده؟
و الجواب: يجوز أن يكون جمع شاهد مثل صاحبو أصحاب، و ناصر و أنصار، و يجوز أن يكونجمع شهيد مثل شريف و أشراف. قال أبو عليالفارسي: و هذا كأنه أرجح، لأن ما جاء منذلك في التنزيل جاء على فعيل، كقوله: وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً[البقرة: 143] وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِشَهِيداً [النساء: 41] ثم لما أخبر عن حالهمفي عذاب القيامة أخبر عن حالهم في الحالفقال: أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَىالظَّالِمِينَ و بين أنهم في الحاللملعونون من عند اللَّه، ثم ذكر من صفاتهمأنهم يصدون عن سبيل اللَّه و يبغونها عوجايعني أنهم كما ظلموا أنفسهم بالتزام الكفرو الضلال، فقد أضافوا إليه المنع من الدينالحق و إلقاء الشبهات، و تعويج الدلائلالمستقيمة، لأنه لا يقال في العاصي يبغيعوجا، و إنما يقال ذلك فيمن يعرف كيفيةالاستقامة، و كيفية العوج بسبب إلقاءالشبهات و تقرير الضلالات.
ثم قال: وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْكافِرُونَ قال الزجاج: كلمة «هم» كررت علىجهة التوكيد لثباتهم في الكفر.
أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَفِي الْأَرْضِ وَ ما كانَ لَهُمْ مِنْدُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُلَهُمُ الْعَذابُ ما كانُوايَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَ ما كانُوايُبْصِرُونَ (20) أُولئِكَ الَّذِينَخَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ ضَلَّ عَنْهُمْما كانُوا يَفْتَرُونَ (21) لا جَرَمَأَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُالْأَخْسَرُونَ (22)
اعلم أن اللَّه تعالى وصف هؤلاء المنكرينالجاحدين بصفات كثيرة في معرض الذم.
كونهم مفترين على اللَّه،
و هي قوله: وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِافْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً [هود: 18].
أنهم يعرضون على اللَّهفي موقف الذل و الهوان و الخزي و النكال
و هي قوله: أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلىرَبِّهِمْ [هود: 18].
حصول الخزي و النكال والفضيحة العظيمة
و هي قوله: وَ يَقُولُ الْأَشْهادُهؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلىرَبِّهِمْ [هود: 18].
كونهم ملعونين من عنداللَّه،
و هي قوله: أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَىالظَّالِمِينَ [هود: 18].
كونهم صادين عن سبيلاللَّه مانعين عن متابعة الحق،
و هي قوله: الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْسَبِيلِ اللَّهِ [هود: 19].
سعيهم في إلقاء الشبهات،و تعويج الدلائل المستقيمة،
و هي قوله: وَ يَبْغُونَها عِوَجاً [هود:19].
كونهم كافرين،
و هي قوله: وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْكافِرُونَ [هود: 19].
كونهم عاجزين عن الفرارمن عذاب اللَّه،
و هي قوله: أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوامُعْجِزِينَ فِي