وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرىعَلَى اللَّهِ كَذِباً أُولئِكَيُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ وَ يَقُولُالْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُواعَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِعَلَى الظَّالِمِينَ (18) الَّذِينَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَ هُمْبِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (19)[قوله تعالى وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِافْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً]اعلم أن الكفار كانت لهم عادات كثيرة وطرق مختلفة، فمنها شدة حرصهم على الدنيا ورغبتهم في تحصيلها، و قد أبطل اللَّه هذهالطريقة بقوله: مَنْ كانَ يُرِيدُالْحَياةَ الدُّنْيا وَ زِينَتَها [هود: 15]إلى آخر الآية، و منها أنهم كانوا ينكروننبوة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ويقدحون في معجزاته، و قد أبطل اللَّهتعالى بقوله: أَ فَمَنْ كانَ عَلىبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ [هود: 17] و منهاأنهم كانوا يزعمون في الأصنام أنهاشفعاؤهم عند اللَّه، و قد أبطل اللَّهتعالى ذلك بهذه الآية، و ذلك لأن هذاالكلام افتراء على اللَّه تعالى، فلما بينو عيد المفترين على اللَّه، فقد دخل فيههذا الكلام.و اعلم أن قوله: وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِافْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً إنمايورد في معرض المبالغة. و فيه دلالة على أنالافتراء على اللَّه تعالى أعظم أنواعالظلم.ثم إنه تعالى بين وعيد هؤلاء بقوله:أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ[إلى آخر الآية]و ما وصفهم بذلك لأنهم مختصون بذلك العرض،لأن العرض عام في كل العباد كما قال: وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا [الكهف: 48]و إنما أراد به أنهم يعرضون فيفتضحون بأنيقول الأشهاد عند عرضهم هؤُلاءِالَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْفحصل لهم من الخزي و النكال ما لا مزيدعليه،و فيه سؤالات:
السؤال الأول:
إذا لم يجز أن يكون اللَّهتعالى في مكان، فكيف قال: يُعْرَضُونَعَلى رَبِّهِمْ
و الجواب:
أنهم يعرضون على الأماكن المعدة للحساب والسؤال، و يجوز أيضا أن يكون ذلك عرضا علىمن شاء اللَّه من الخلق بأمر اللَّه منالملائكة و الأنبياء و المؤمنين.
السؤال الثاني:
من الأشهاد الذين أضيفإليهم هذا القول؟الجواب قال مجاهد: هم الملائكة الذينكانوا يحفظون أعمالهم عليهم في الدنيا. وقال قتادة و مقاتل:الْأَشْهادُ الناس كما يقال على رؤوسالأشهاد، يعني على رؤوس الناس. و قالالآخرون: هم الأنبياء عليهم