قال الفراء و الزجاج: يقال ريحعاصف و عاصفة، و قد عصفت عصوفا و أعصفت،فهي معصف و معصفة. قال الفراء: و الألف لغةبني أسد، و معنى عصفت الريح اشتدت، و أصلالعصف السرعة، يقال: ناقة عاصف و عصوفسريعة، و إنما قيل رِيحٌ عاصِفٌ لأنه يرادذات عصوف كما قيل: لابن و تامر أو لأجل أنلفظ الريح مذكر.أما القيد الثاني: فهو قوله: وَ جاءَهُمُالْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍو الموج ما ارتفع من الماء فوق البحر.أما القيد الثالث: فهو قوله: وَ ظَنُّواأَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْو المراد أنهم ظنوا القرب من الهلاك، وأصله أن العدو إذا أحاط بقوم أو بلد، فقددنوا من الهلاك.
السؤال الخامس:
ما المراد من الإخلاص فيقوله: دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُالدِّينَ.
و الجواب:
قال ابن عباس: يريد تركوا الشرك،و لم يشركوا به من آلهتهم شيئا، و أقرواللَّه بالربوبية و الوحدانية. قال الحسن:دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ الإخلاصالإيمان، لكن لأجل العلم بأنه لا ينجيهممن ذلك إلا اللَّه تعالى، فيكون جاريامجرى الإيمان الاضطراري. و قال ابن زيد:هؤلاء المشركون يدعون مع اللَّه ما يدعون،فإذا جاء الضر و البلاء لم يدعوا إلااللَّه و عن أبي عبيدة أن المراد من ذلكالدعاء قولهم أهيا شراهيا تفسيره يا حي ياقيوم.
السؤال السادس:
ما الشيء المشار إليهبقوله هذِهِ في قوله: لَئِنْ أَنْجَيْتَنامِنْ هذِهِ.و الجواب المراد لئن أنجيتنا من هذه الريحالعاصفة، و قيل المراد لئن أنجيتنا من هذهالأمواج أو من هذه الشدائد، و هذه الألفاظو إن لم يسبق ذكرها، إلا أنه سبق ذكر ما يدلعليها.
السؤال السابع:
هل يحتاج في هذه الآية إلىإضمار؟الجواب: نعم، و التقدير: دعوا اللَّهمخلصين له الدين مريدين أن يقولوا لئنأنجيتنا، و يمكن أن يقال:لا حاجة إلا الإضمار، لأن قوله: دَعَوُااللَّهَ يصير مفسرا بقوله: لَئِنْأَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّمِنَ الشَّاكِرِينَ.فهم في الحقيقة ما قالوا إلا هذا القول.و اعلم أنه تعالى لما حكى عنهم هذا التضرعالكامل بين أنهم بعد الخلاص من تلك البليةو المحنة أقدموا في الحال على البغي فيالأرض بغير الحق. قال ابن عباس: يريد بهالفساد و التكذيب و الجراءة على اللَّهتعالى، و معنى البغي قصد الاستعلاءبالظلم. قال الزجاج: البغي الترقي فيالفساد قال الأصمعي: يقال بغى الجرح يبغيبغيا إذا ترقى إلى الفساد، و بغت المرأةإذا فجرت، قال الواحدي: أصل هذا اللفظ منالطلب.فإن قيل: فما معنى قوله: بِغَيْرِالْحَقِّ و البغي لا يكون بحق؟قلنا: البغي قد يكون بالحق، و هو استيلاءالمسلمين على أرض الكفرة و هدم دورهم وإحراق زروعهم و قطع أشجارهم، كما فعل رسولاللَّه صلّى الله عليه وسلّم ببني قريظة.ثم إنه تعالى بين أن هذا البغي أمر باطليجب على العاقل أن يحترز منه فقال:يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمابَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ مَتاعَالْحَياةِ الدُّنْيا و فيه مسائل:
المسألة الأولى: قرأ الأكثرون متاع برفعالعين،
و قرأ حفص عن عاصم مَتاعَ بنصب العين، أماالرفع ففيه وجهان: الأول: أن يكون قوله:بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ مبتدأ، وقوله: مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا خبرا