قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَ ما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (101)[في قوله تعالى قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِيالسَّماواتِ وَ الْأَرْضِ]في الآية مسائل:
المسألة الأولى: قرأ عاصم و حمزة قُلِانْظُرُوا بكسر اللام
لالتقاء الساكنين و الأصل فيه الكسر، والباقون بضمها نقلوا حركة الهمزة إلىاللام.
المسألة الثانية: اعلم أنه تعالى لما بينفي الآيات السالفة أن الإيمان لا يحصل إلابتخليق اللَّه تعالى و مشيئته، أمر بالنظرو الاستدلال في الدلائل
حتى لا يتوهم أن الحق هو الجبر المحض فقال:قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ.و اعلم أن هذا يدل على مطلوبين: الأول: أنهلا سبيل إلى معرفة اللَّه تعالى إلابالتدبر في الدلائل كما قال عليه الصلاة والسلام: «تفكروا في الخلق و لا تتفكروا فيالخلق» و الثاني: و هو أن الدلائل إما أنتكون من عالم السموات أو من عالم الأرض،أما الدلائل السماوية، فهي حركات الأفلاكو مقاديرها و أوضاعها و ما فيها من الشمس والقمر و الكواكب، و ما يختص به كل و احدمنها من المنافع و الفوائد، و أما الدلائلالأرضية، فهي النظر في أحوال العناصرالعلوية، و في أحوال المعادن و أحوالالنبات و أحوال الإنسان خاصة، ثم ينقسم كلواحد من هذه الأجناس إلى أنواع لا نهايةلها. و لو أن الإنسان أخذ يتفكر في كيفيةحكمة اللَّه سبحانه في تخليق جناح بعوضةلا نقطع عقله قبل أن يصل إلى أقل مرتبة منمراتب تلك الحكم و الفوائد. و لا شك أناللَّه سبحانه أكثر من ذكر هذه الدلائل فيالقرآن المجيد، فلهذا السبب ذكر قوله:قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ و لم يذكر التفصيل، فكأنه تعالىنبه على القاعدة الكلية، حتى إن العاقليتنبه لأقسامها و حينئذ يشرع في تفصيلحكمة كل و احد منها بقدر القوة العقلية والبشرية، ثم إنه تعالى لما أمر بهذاالتفكر و التأمل بين