المسألة الرابعة: معنى فارَ نبع على قوة وشدة تشبيها بغليان القدر عند قوة النار
و لا شبهة في أن نفس التنور لا يفورفالمراد فار الماء من التنور، و الذي رويأن فور التنور كان علامة لهلاك القوم لايمتنع لأن هذه واقعة عظيمة، و قد و عداللَّه تعالى المؤمنين النجاة فلا بد و أنيجعل لهم علامة بها يعرفون الوقت المعين،فلا يبعد جعل هذه الحالة علامة لحدوث هذهالواقعة.
المسألة الخامسة: قال الليث: التنور لفظةعمت بكل لسان و صاحبه تنار،
قال الأزهري: و هذا يدل على أن الاسم قديكون أعجميا فتعربه العرب فيصير عربيا، والدليل على ذلك أن الأصل تنار و لا يعرف فيكلام العرب تنور قبل هذا، و نظيره ما دخلفي كلام العرب من كلام العجم الديباج والدينار و السندس و الاستبرق فإن العربلما تكلموا بهذه الألفاظ صارت عربية.و اعلم أنه لما فار التنور فعند ذلك أمرهاللَّه تعالى بأن يحمل في السفينة ثلاثةأنواع من الأشياء. فالأول:قوله: قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّزَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ قال الأخفش: تقولالاثنان هما زوجان قال تعالى: وَ مِنْكُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ[الذاريات: 49] فالسماء زوج و الأرض زوج والشتاء زوج و الصيف زوج و النهار زوج والليل زوج، و تقول للمرأة هي زوج و هوزوجها قال تعالى: وَ خَلَقَ مِنْهازَوْجَها [النساء: 1] يعني المرأة، و قال: وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَوَ الْأُنْثى [النجم: 45] فثبت أن الواحدقد يقال له: زوج و مما يدل على ذلك قولهتعالى: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَالضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَ مِنَ الْمَعْزِاثْنَيْنِ و مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ [الأنعام: 143].إذا عرفت هذا فنقول: الزوجان عبارة عن كلشيئين يكون أحدهما ذكرا و الآخر أنثى والتقدير كل شيئين هما كذلك فاحمل منهما فيالسفينة اثنين و احد ذكر و الآخر أنثى، ولذلك قرأ حفص مِنْ كُلٍّ بالتنوين