إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِيالسَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍلِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)اعلم أنه تعالى استدل على التوحيد والإلهياتأولا: بتخليق السموات و الأرض،و ثانيا: بأحوال الشمس و القمر: و ثالثا: فيهذه الآية بالمنافع الحاصلة من اختلافالليل و النهار، و قد تقدم تفسيره في سورةالبقرة في تفسير قوله: إِنَّ فِي خَلْقِالسَّماواتِ وَ الْأَرْضِ [البقرة: 164] ورابعا: بكل ما خلق اللّه في السموات والأرض، و هي أقسام الحوادث الحادثة في هذاالعالم، و هي محصورة في أربعة أقسام:أحدها: الأحوال الحادثة في العناصرالأربعة، و يدخل فيها أحوال الرعد و البرقو السحاب و الأمطار و الثلوج و يدخل فيهاأيضا أحوال البحار، و أحوال المد و الجزر،و أحوال الصواعق و الزلازل و الخسف. وثانيها: أحوال المعادن و هي عجيبة كثيرة. وثالثها: اختلاف أحوال النبات. و رابعها:اختلاف أحوال الحيوانات، و جملة هذهالأقسام الأربعة داخلة في قوله تعالى: وَما خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ و الاستقصاء في شرح هذه الأحوالمما لا يمكن في ألف مجلد، بل كل ما ذكرهالعقلاء في أحوال أقسام هذا العالم فهوجزء مختصر من هذا الباب.ثم إنه تعالى بعد ذكر هذه الدلائل قال:لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ فخصهابالمتقين، لأنهم يحذرون العاقبة فيدعوهمالحذر إلى التدبر و النظر. قال القفال: منتدبر في هذه الأحوال علم أن الدنيا مخلوقةلشقاء الناس فيها، و أن خالقها و خالقهم ماأهملهم، بل جعلها لهم دار عمل و إذا كانكذلك فلا بد من أمر و نهي، ثم من ثواب وعقاب، ليتميز المحسن عن المسيء، فهذهالأحوال في الحقيقة دالة على صحة القولبإثبات المبدأ و إثبات المعاد.
[سورة يونس (10): الآيات 7 الى 8]
إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَناوَ رَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَ الَّذِينَ هُمْعَنْ آياتِنا غافِلُونَ (7) أُولئِكَمَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوايَكْسِبُونَ (8)اعلم أنه تعالى لما أقام الدلائل القاهرةعلى صحة القول بإثبات الإله الرحيمالحكيم، و على صحة القول بالمعاد و الحشر والنشر، شرع بعده في شرح أحوال من يكفر بها،و في شرح أحوال من يؤمن بها فأما شرح أحوالالكافرين فهو المذكور في هذه الآية.و اعلم أنه تعالى وصفهم بصفات أربعة:
الصفة الأولى:
قوله: إِنَّ الَّذِينَ لايَرْجُونَ لِقاءَنا و فيه مسائل: