وَ لَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَمُبَوَّأَ صِدْقٍ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَالطَّيِّباتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّىجاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَيَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِفِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (93)[في قوله تعالى وَ لَقَدْ بَوَّأْنا بَنِيإِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ فَمَااخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُالْعِلْمُ]اعلم أنه تعالى لما ذكر ما وقع عليه الختمفي واقعة فرعون و جنوده، ذكر أيضا في هذهالآية ما وقع عليه الختم في أمر بنيإسرائيل،و ههنا بحثان:
البحث الأول:
أن قوله: بَوَّأْنا بَنِيإِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ أي أسكناهممكان صدقأي مكانا محمودا، و قوله: مُبَوَّأَصِدْقٍ فيه وجهان: الأول: يجوز أن يكونمبوأ صدق مصدرا، أي بوأناهم تبوأ صدق.الثاني:أن يكون المعنى منزلا صالحا مرضيا، و إنماوصف المبوأ بكونه صدقا، لأن عادة العربأنها إذا مدحت شيئا أضافته إلى الصدق تقول:رجل صدق، و قدم صدق. قال تعالى: وَ قُلْرَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ [الإسراء: 80]و السبب فيه أن ذلك الشيء إذا كان كاملافي وقت صالحا للغرض المطلوب منه، فكل مايظن فيه من الخبر، فإنه لا بد و أن يصدق ذلكالظن.
البحث الثاني:
اختلفوا في أن المراد ببنيإسرائيل في هذه الآية أهم اليهودالذين كانوا في زمن موسى عليه السلام أمالذين كانوا في زمن محمد عليه السلام.أما القول الأول:فقد قال به قوم و دليلهم أنه تعالى لما ذكرهذه الآية عقيب قصة موسى عليه السلام كانحمل هذه الآية على أحوالهم أولى، و على هذاالتقدير: كان المراد بقوله: وَ لَقَدْبَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَصِدْقٍ الشام و مصر، و تلك البلاد فإنهابلاد كثيرة الخصب. قال تعالى: سُبْحانَالَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًامِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَىالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِيبارَكْنا حَوْلَهُ [الإسراء: 1] و المراد منقوله: وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِتلك المنافع، و أيضا المراد منها أنهتعالى أورث بني إسرائيل جميع ما كان تحتأيدي قوم فرعون من الناطق و الصامت