المسألة الثانية: قرأ نافع و ابن عامركلمات ربك على الجمع
و بعده إن الذين حقت عليهم كلمات ربك[يونس: 96] و في حم المؤمن كذلك حقت كلمات[غافر: 6] كله بالألف على الجمع و الباقونكَلِمَةُ رَبِّكَ في جميع ذلك على لفظالوحدان.
المسألة الثالثة: الكاف في قوله: كَذلِكَللتشبيه،
و فيه قولان: الأول: أنه كما ثبت و حق أنهليس بعد الحق إلا الضلال كذلك حقت كلمة ربكبأنهم لا يؤمنون. الثاني: كما حق صدورالعصيان منهم، كذلك حقت كلمة العذابعليهم.
المسألة الرابعة: أَنَّهُمْ لايُؤْمِنُونَ بدل من كَلِمَةُ
أي حق عليهم انتفاء الإيمان.
المسألة الخامسة: المراد من كلمة اللَّهإما إخباره عن ذلك و خبره صدق لا يقبلالتغير و الزوال، أو علمه بذلك،
و علمه لا يقبل التغير و الجهل. و قال بعضالمحققين: علم اللَّه تعلق بأنه لا يؤمن وخبره تعالى تعلق بأنه لا يؤمن، و قدرته لمتتعلق بخلق الإيمان فيه، بل بخلق الكفرفيه و إرادته لم تتعلق بخلق الإيمان فيه،بل بخلق الكفر فيه، و أثبت ذلك في اللوحالمحفوظ، و أشهد عليه ملائكته، و أنزلهعلى أنبيائه و أشهدهم عليه، فلو حصلالإيمان لبطلت هذه الأشياء، فينقلب علمهجهلا، و خبره الصدق كذبا، و قدرته عجزا، وإرادته كرها، و إشهاده باطلا، و إخبارالملائكة و الأنبياء كذبا، و كل ذلك محال.
[سورة يونس (10): آية 34]
قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْيَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُقُلِ اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّيُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (34)اعلم أن هذا هو الحجة الثانية، و تقريرهاما شرح اللَّه تعالى في سائر الآيات منكيفية ابتداء تخليق الإنسان من النطفة والعلقة و المضغة و كيفية إعادته، و منكيفية ابتداء تخليق السموات و الأرض، فلمافصل هذه المقامات، لا جرم اكتفى تعالىبذكرها ههنا على سبيل الإجمال،و ههنا سؤالات:
السؤال الأول:
ما الفائدة في ذكر هذهالحجة على سبيل السؤال و الاستفهام.
و الجواب:
أن الكلام إذا كان ظاهرا جليا ثمذكر على سبيل الاستفهام و تفويض الجوابإلى المسؤول، كان ذلك أبلغ و أوقع فيالقلب.
السؤال الثاني:
القوم كانوا منكرينالإعادة و الحشر و النشر فكيف احتج عليهمبذلك؟
و الجواب:
أنه تعالى قدم في هذه السورة ذكرما يدل عليه، و هو وجوب التمييز بين المحسنو بين المسيء و هذه الدلالة ظاهرة قويةلا يتمكن العاقل من دفعها، فلأجل كمالقوتها و ظهورها تمسك به سواء ساعد الخصمعليه أو لم يساعد.
السؤال الثالث:
لم أمر رسوله بأن يعترفبذلك، و الإلزام إنما يحصل لو اعترف الخصمبه؟
و الجواب:
أن الدليل لما كان ظاهرا جليا،فإذا أورد على الخصم في معرض الاستفهام،ثم إنه بنفسه