أن اليوم قد يراد به اليوممع ليلته، و قد يراد به النهار وحدهفالمراد بهذه الآية أيهما.
و الجواب:
الغالب في اللغة أنه يرادباليوم اليوم بليلته.
المسألة الثانية: أما قوله: ثُمَّاسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ففيه مباحث:
الأول: أن هذا يوهم كونه تعالى مستقرا علىالعرش و الكلام المستقصى فيه مذكور في أولسورة طه، و لكنا نكتفي ههنا بعبارة وجيزةفنقول:هذه الآية لا يمكن حملها على ظاهرها، ويدل عليه وجوه: الأول: أن الاستواء علىالعرش معناه كونه معتمدا عليه مستقراعليه، بحيث لولا العرش لسقط و نزل، كما أناإذا قلنا إن فلانا مستو على سريره فإنهيفهم منه هذا هذا المعنى إلا أن إثبات هذاالمعنى يقتضي كونه محتاجا إلى العرش، وإنه لو لا العرش لسقط و نزل، و ذلك محال،لأن المسلمين أطبقوا على أن اللّه تعالىهو الممسك للعرش و الحافظ له، و لا يقولأحد أن العرش هو الممسك للّه تعالى والحافظ له. و الثاني: أن قوله: ثُمَّاسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يدل على أنهقبل ذلك ما كان مستويا عليه، و ذلك يدل علىأنه تعالى يتغير من حال إلى حال، و كل منكان متغيرا كان محدثا، و ذلك بالاتفاقباطل. الثالث: أنه لما حدث الاستواء في هذاالوقت، فهذا يقتضي أنه تعالى كان قبل هذاالوقت مضطربا متحركا، و كل ذلك من صفاتالمحدثات. الرابع: أن ظاهر الآية يدل علىأنه تعالى إنما استوى على العرش بعد أن خلقالسموات و الأرض لأن كلمة (ثم) تقتضيالتراخي و ذلك يدل على أنه تعالى كان قبلخلق العرش غنيا عن العرش، فإذا خلق العرشامتنع أن تنقلب حقيقته و ذاته منالاستغناء إلى الحاجة فوجب أن يبقى بعدخلق العرش غنيا عن العرش، و من كان كذلكامتنع أن يكون مستقرا على العرش فثبت بهذهالوجوه أن هذه الآية لا يمكن حملها علىظاهرها بالاتفاق، و إذا كان كذلك امتنعالاستدلال بها في إثبات المكان و الجهةللّه تعالى.
المسألة الثالثة: اتفق المسلمون على أنفوق السموات جسما عظيما هو العرش.
إذا ثبت هذا فنقول: العرش المذكور في هذهالآية هل المراد منه ذلك العرش أو غيره؟فيه قولان: القول الأول: و هو الذي اختارهأبو مسلم الأصفهاني، أنه ليس المراد منهذلك، بل المراد من قوله: ثُمَّ اسْتَوىعَلَى الْعَرْشِ أنه لما خلق السموات والأرض سطحها و رفع سمكها، فإن كل بناء فإنهيسمى عرشا، و بانيه يسمى عارشا، قال تعالى:وَ مِنَ الشَّجَرِ وَ مِمَّا يَعْرِشُونَ[النحل: 68] أي يبنون، و قال في صفة القريةفَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها [الحج:45] و المراد أن تلك القرية خلت منهم معسلامة بنائها و قيام سقوفها، و قال: وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ [هود: 7] أيبناؤه، و إنما ذكر اللّه تعالى ذلك لأنهأعجب في القدرة، فالباني