المسألة الثانية: (الحشر) الجمع من كل جانبإلى موقف واحد
و جَمِيعاً نصب على الحال أي نحشر الكلحال اجتماعهم. و مَكانَكُمْ منصوب بإضمارالزموا و التقدير: الزموا مكانكم وأَنْتُمْ تأكيد للضمير وَ شُرَكاؤُكُمْعطف عليه. و اعلم أن قوله: مَكانَكُمْ كلمةمختصة بالتهديد و الوعيد و المراد أنهتعالى يقول للعابدين و المعبودين مكانكمأي الزموا مكانكم حتى تسألوا، و نظيرهقوله تعالى: احْشُرُوا الَّذِينَظَلَمُوا وَ أَزْواجَهُمْ وَ ما كانُوايَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِفَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِوَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ[الصافات: 22- 24].أما قوله: فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ ففيهبحثان:
البحث الأول:
أن هذه الكلمة جاءت على لفظالمضيبعد قوله: ثُمَّ نَقُولُ و هو منتظر، والسبب فيه أن الذي حكم اللَّه فيه، بأنسيكون صار كالكائن الراهن الآن، و نظيرهقوله تعالى: وَ نادى أَصْحابُالْجَنَّةِ [الأعراف: 44].
البحث الثاني:
(زيلنا) فرقنا و ميزنا.قال الفراء: قوله: فَزَيَّلْنا ليس منأزلت، إنما هو من زلت إذا فرقت تقول العرب:زلت الضأن من المعز فلم تزل أي ميزتها فلمتتميز، ثم قال الواحدي: فالزيل و التزييل والمزايلة، و التمييز و التفريق. قالالواحدي: و قرىء فزايلنا بينهم و هو مثلفَزَيَّلْنا و حكى الواحدي عن ابن قتيبةأنه قال في هذه الآية: هو من زال يزول وأزلته أنا، ثم حكى عن الأزهري أنه قال: هذاغلط، لأنه لم يميز بين زال يزول، و بين زاليزيل، و بينهما بون بعيد، و القول ما قالهالفراء، ثم قال المفسرون: فَزَيَّلْنا أيفرقنا بين المشركين و بين شركائهم منالآلهة و الأصنام، و انقطع ما كان بينهم منالتواصل في الدنيا.و أما قوله: وَ قالَ شُرَكاؤُهُمْ ماكُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ ففيهمباحث:
البحث الأول:
إنما أضاف الشركاء إليهملوجوه:الأول: أنهم جعلوا نصيبا من أموالهم لتلكالأصنام، فصيروها شركاء لأنفسهم في تلكالأموال، فلهذا قال تعالى: وَ قالَشُرَكاؤُهُمْ الثاني: أنه يكفي في الإضافةأدنى تعلق، فلما كان الكفار هم الذينأثبتوا هذه الشركة، لا جرم حسنت إضافةالشركاء إليهم. الثالث: أنه