أن أولئك الذين آمنوا بموسىكانوا خائفين من فرعون جدا،لأنه كان شديد البطش و كان قد أظهرالعداوة مع موسى، فإذا علم ميل القوم إلىموسى كان يبالغ في إيذائهم، فلهذا السببكانوا خائفين منه.
البحث الثاني:
إنما قال: وَ مَلَائِهِمْمع أن فرعون واحد لوجوه:الأول: أنه قد يعبر عن الواحد بلفظ الجمع،و المراد التعظيم قال اللَّه تعالى:إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ[الحجر: 9] الثاني: أن المراد بفرعون آلفرعون. الثالث: أن هذا من باب حذف المضافكأنه أريد بفرعون آل فرعون.ثم قال: أَنْ يَفْتِنَهُمْ أي يصرفهم عندينهم بتسليط أنواع البلاء عليهم.ثم قال: وَ إِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِيالْأَرْضِأي لغالب فيها قاهر وَ إِنَّهُ لَمِنَالْمُسْرِفِينَ قيل: المراد أنه كثيرالقتل كثير التعذيب لمن يخالفه في أمر منالأمور، و الغرض منه بيان السبب في كونأولئك المؤمنين خائفين، و قيل: إنما كانمسرفا لأنه كان من أخس العبيد فادعىالإلهية.
جزاء معلق على شرطين:أحدهما متقدم و الآخر متأخر، و الفقهاءقالوا: المتأخر يجب أن يكون متقدما والمتقدم يجب أن يكون متأخرا و مثاله أنيقول الرجل لامرأته: إن دخلت الدار فأنتطالق إن كلمت زيدا و إنما كان الأمر كذلك،لأن مجموع قوله: إن دخلت الدار فأنت طالق،صار مشروطا بقوله إن كلمت زيدا، و المشروطمتأخر عن الشرط، و ذلك يقتضي أن يكونالمتأخر في اللفظ متقدما في المعنى، و أنيكون المتقدم في اللفظ متأخرا في المعنى والتقدير: كأنه يقول لامرأته حال ما كلمتزيدا إن دخلت الدار فأنت طالق، فلو حصل هذاالتعليق قبل إن كلمت زيدا لم يقع الطلاق.إذا عرفت هذا فنقول: قوله: إِنْ كُنْتُمْآمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَيقتضي أن يكون كونهم مسلمين شرطا لأنيصيروا مخاطبين بقوله: إِنْ كُنْتُمْآمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِتَوَكَّلُوا فكأنه تعالى يقول للمسلم حالإسلامه إن كنت من المؤمنين باللَّه فعلىاللَّه توكل، و الأمر كذلك، لأن الإسلامعبارة عن الاستسلام، و هو إشارة إلىالانقياد للتكاليف الصادرة عن اللَّهتعالى و إظهار الخضوع و ترك التمرد، و أماالإيمان فهو عبارة عن صيرورة القلب عارفابأن واجب الوجود لذاته و احد و أن ما سواهمحدث مخلوق تحت تدبيره و قهره و تصرفه، وإذا حصلت