المسألة الثانية: قال صاحب «الكشاف» لماظرف لأهلكنا،
و الواو في قوله: وَ جاءَتْهُمْ للحال، أيظلموا بالتكذيب و قد جاءتهم رسلهمبالدلائل و الشواهد على صدقهم و هيالمعجزات، و قوله: وَ ما كانُوالِيُؤْمِنُوا يجوز أن يكون عطفا علىظلموا، و أن يكون اعتراضا، و اللام لتأكيدالنفي، و أن اللَّه قد علم منهم أنهم يصرونعلى الكفر و هذا يدل على أنه تعالى إنماأهلكهم لأجل تكذيبهم الرسل، فكذلك يجزى كلمجرم، و هو وعيد لأهل مكة على تكذيبهم رسولاللَّه، و قرىء يجزي بالياء و قوله:ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ الخطابللذين بعث إليهم محمد عليه الصلاة والسلام، أي استخلفناكم في الأرض بعدالقرون التي أهلكناهم، لننظر كيف تعملون،خيرا أو شرا، فنعاملكم على حسب عملكم.بقي في الآية سؤالان:
السؤال الأول:
كيف جاز النظر إلى اللَّهتعالى و فيه معنى المقابلة؟
و الجواب:
أنه استعير لفظ النظر للعلمالحقيقي الذي لا يتطرق الشك إليه، و شبههذا العلم بنظر الناظر و عيان المعاين.
السؤال الثاني:
قوله: ثُمَّ جَعَلْناكُمْخَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْلِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ مشعر بأناللَّه تعالى ما كان عالما بأحوالهم قبلوجودهم.و الجواب: المراد منه أنه تعالى يعاملالعباد معاملة من يطلب العلم بما يكونمنهم، ليجازيهم بحسبه كقوله:لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُعَمَلًا [هود: 7] و قد مر نظائر هذا. و قالرسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم: «إنالدنيا خضرة حلوة و إن اللَّه مستخلفكمفيها فناظر كيف تعملون» و قال قتادة: صدقاللَّه ربنا ما جعلنا خلفاء إلا لينظر إلىأعمالنا، فأروا اللَّه من أعمالكم خيرا،بالليل و النهار.
المسألة الثالثة: قال الزجاج: موضع كَيْفَنصب بقوله: تَعْمَلُونَ
لأنها حرف لاستفهام و الاستفهام لا يعملفيه ما قبله، و لو قلت: لننظر خيرا تعملونأم شرا، كان العامل في خير و شر تعملون.