الاحتمال الأول:
أن يقال: المراد من لفظةتِلْكَ الإشارة إلى الآيات الموجودة فيهذه السورة، فكان التقدير تلك الآيات هيآيات الكتاب الحكيم الذي هو القرآن، و ذلكلأنه تعالى وعد رسوله عليه الصلاة والسلام أن ينزل عليه كتابا لا يمحوهالماء، و لا يغيره كرور الدهر، فالتقديرأن تلك الآيات الحاصلة في سورة الر هي آياتذلك الكتاب المحكم الذي لا يمحوه الماء.الاحتمال الثاني:
أن يقال: المراد أن تلكالآيات الموجودة في هذه السورة هي آياتالكتاب المخزون المكنون عند اللّه.و اعلم أن على هذين القولين تكون الإشارةبقولنا: تِلْكَ إلى آيات هذه السورة و فيهإشكال، و هو أن تِلْكَ يشار بها إلىالغائب، و آيات هذه السورة حاضرة، فكيفيحسن أن يشار إليه بلفظ تِلْكَ.و اعلم أن هذا السؤال قد سبق مع جوابه فيتفسير قوله تعالى: الم ذلِكَ الْكِتابُ[البقرة: 1، 2].الاحتمال الثالث و الرابع:
أن يقال: لفظتِلْكَ إشارة إلى ما تقدم هذه السورة منآيات القرآن، و المراد بها: هي آيات القرآنالحكيم، و المراد أنها هي آيات ذلك الكتابالمكنون المخزون عند اللّه تعالى، و فيالآية قولان آخران: أحدهما: أن يكون المرادمن الْكِتابِ الْحَكِيمِ التوراة والإنجيل، و التقدير: أن الآيات المذكورةفي هذه السورة هي الآيات المذكورة فيالتوراة و الإنجيل، و المعنى: أن القصصالمذكورة في هذه السورة موافقة للقصصالمذكورة في التوراة و الانجيل، مع أنمحمدا عليه الصلاة و السلام ما كان عالمابالتوراة و الإنجيل، فحصول هذه الموافقةلا يمكن إلا إذا خص اللّه تعالى محمدابإنزال الوحي عليه. و الثاني:و هو قول أبي مسلم: أن قوله: الر إشارة إلىحروف التهجي، فقوله: الر تِلْكَ آياتُالْكِتابِ يعني هذه الحروف هي الأشياءالتي جعلت و علامات لهذا الكتاب الذي آياتبه وقع التحدي فلو لا امتياز هذا الكتاب عنكلام الناس بالوصف المعجز، و إلا لكاناختصاصه بهذا النظم، دون سائر الناسالقادرين على التلفظ بهذه الحروف محالا.المسألة الثانية: في وصف الكتاب بكونهحكيما وجوه:
الأول: أن الحكيم هو ذو الحكمة بمعنىاشتمال الكتاب على الحكمة. الثاني: أن يكونالمراد وصف الكلام بصفة من تكلم به. قالالأعشى:
و غريبة تأتي الملوك حكيمة
قد قلتهاليقال من ذا قالها
قد قلتهاليقال من ذا قالها
قد قلتهاليقال من ذا قالها