و هو مبتدأ و قوله كِتابٌ خبره، و قوله:أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ صفةللكتاب. قال الزجاج: لا يجوز أن يقال: الرمبتدأ، و قوله: كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُثُمَّ فُصِّلَتْ خبر، لأن الر ليس هوالموصوف بهذه الصفة و حده و هذا الاعتراضفاسد، لأنه ليس من شرط كون الشيء مبتدأأن يكون خبره محصورا فيه، و لا أدري كيفوقع للزجاج هذا السؤال، ثم إن الزجاجاختار قولا آخر و هو أن يكون التقدير: الرهذا كتاب أحكمت آياته، و عندي أن هذا القولضعيف لوجهين: الأول:أن على هذا التقدير يقع قوله: الر كلاماباطلا لا فائدة فيه، و الثاني: أنك إذا قلتهذا كتاب، فقوله: «هذا» يكون إشارة إلىأقرب المذكورات، و ذلك هو قوله: الر فيصيرحينئذ الر مخبرا عنه بأنه كتاب أحكمتآياته، فيلزمه على هذا القول ما لم يرض بهفي القول الأول، فثبت أن الصواب ما ذكرناه.
المسألة الثانية: في قوله: أُحْكِمَتْآياتُهُ وجوه:
الأول: أُحْكِمَتْ آياتُهُ نظمت نظمارصيفا محكما لا يقع فيه نقص و لا خلل،كالبناء المحكم المرصف.الثاني: أنالإحكام عبارة عن منع الفساد من الشيءفقوله: أُحْكِمَتْ آياتُهُ أي لم تنسخبكتاب كما نسخت الكتب و الشرائع بها.و اعلم أن على هذا الوجه لا يكون كل الكتابمحكما، لأنه حصل فيه آيات منسوخة، إلا أنهلما كان الغالب كذلك صح إطلاق هذا الوصفعليه إجراء للحكم الثابت في الغالب مجرىالحكم الثابت في الكل.الثالث: قال صاحب «الكشاف» أُحْكِمَتْيجوز أن يكون نقلا بالهمزة من حكم بضمالكاف إذا صار حكيما، أي جعلت حكيمة،كقوله: آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ [يونس:1] الرابع: جعلت آياته محكمة في أمور:أحدها: أن معاني هذا الكتاب هي التوحيد، والعدل، و النبوة، و المعاد، و هذه المعانيلا تقبل النسخ، فهي في غاية الإحكام، وثانيها: أن الآيات الواردة فيه غيرمتناقضة، و التناقض ضد الإحكام فإذا خلتآياته عن التناقض