مفاتیح الشرائع

محمد محسن بن الشاه مرتضی ابن الشاه محمود ‏

جلد 17 -صفحه : 173/ 23
نمايش فراداده

الشبهة الرابعة:

إذا قتل إنسان و اغتذى بهإنسان آخر فيلزم أن يقال تلك الأجزاء فيبدن كل واحد من الشخصين و ذلك محال.

و الجواب: هذه الشبهة أيضا مبنية على أنالإنسان المعين عبارة عن مجموع هذا البدن،و قد بينا أنه باطل بل الحق أنه عبارة عنالنفس سواء.

قلنا: النفس جوهر مجرد و أجسام لطيفةباقية مشاكلة للجسد، و هي التي سمتهاالمتكلمون بالأجزاء الأصلية. و هذا آخرالبحث العقلي عن مسألة المعاد.

المسألة الرابعة: قوله تعالى: إِلَيْهِمَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فيه أبحاث:

البحث الأول:

أن كلمة «إلى» لانتهاءالغاية،

و ظاهره يقتضي أن يكون اللّه سبحانه مختصابحيز و جهة، حتى يصلح أن يقال: إليه مرجعالخلق.

و الجواب عنه من وجوه: الأول: أنا إذا قلناالنفس جوهر مجرد، فالسؤال زائل. الثاني: أنيكون المراد منه: أن مرجعهم إلى حيث لاحاكم سواه. الثالث: أن يكون المراد: أنمرجعهم إلى حيث حصل الوعد فيه بالمجازاة.

البحث الثاني:

ظاهر الآيات الكثيرة يدلعلى أن الإنسان عبارة عن النفس، لا عنالبدن،

و يدل أيضا على أن النفس كانت موجودة قبلالبدن. أما أن الإنسان شي‏ء غير هذا البدنفلقوله تعالى: وَ لا تَحْسَبَنَّالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِأَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ [آل عمران: 169]فالعلم الضروري حاصل بأن بدن المقتول ميت،و النص دال على أنه حي، فوجب أن تكونحقيقته شيئا مغايرا لهذا البدن الميت، وأيضا قال اللّه تعالى في صفة نزع روحالكفار أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ[الأنعام: 93] و أما إن النفس كانت موجودةقبل البدن، فلأن قوله تعالى في هذه الآية:إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ يدل على ما قلنه،لأن الرجوع إلى الموضع إنما يحصل لو كانذلك الشي‏ء قد كان هناك قبل ذلك، و نظيرهقوله تعالى: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُالْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى‏رَبِّكِ راضِيَةً [الفجر: 27، 28] و قوله:ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُالْحَقِّ [الأنعام: 62].

البحث الثالث:

المرجع بمعنى الرجوع وجَمِيعاً نصب على الحال‏

أي ذلك الرجوع يحصل حال الاجتماع، و هذايدل على أنه ليس المراد من هذا المرجعالموت، و إنما المراد منه القيامة.

البحث الرابع:

قوله تعالى: إِلَيْهِمَرْجِعُكُمْ يفيد الحصر،

و أنه لا رجوع إلا إلى اللّه تعالى، و لاحكم إلا حكمه و لا نافذ إلا أمره،

و أما قوله: وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا ففيهمسألتان:

المسألة الأولى: قوله: وَعْدَ اللَّهِمنصوب على معنى: وعدكم اللّه وعدا،

لأن قوله: إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ معناه:الوعد بالرجوع، فعلى هذا التقدير يكونقوله: وَعْدَ اللَّهِ مصدرا مؤكدا لقوله:إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ و قوله: حَقًّامصدرا مؤكدا لقوله: وَعْدَ اللَّهِ فهذهالتأكيدات قد اجتمعت في هذا الحكم.

المسألة الثانية: قرى‏ء وعد الله على لفظالفعل.

و اعلم أنه تعالى لما أخبر عن وقوع الحشر والنشر، ذكر بعده ما يدل على كونه في نفسهممكن الوجود ثم ذكر بعده ما يدل على وقوعه.

أما ما يدل على إمكانه في نفسه فهو قولهسبحانه: إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَثُمَّ يُعِيدُهُ و فيه مسائل: