عندك فأمطر علينا حجارة من السماء، لأنهممتى سمعوا أن اللَّه تعالى قد يجيب دعاءهمو ينزل عليهم عذاب الاستئصال، ثم سمعوا مناليهود و النصارى أن ذلك قد وقع مراراكثيرة صار ذلك رادعا لهم و زاجرا عن ذكرذلك الكلام، فهذا وجه حسن مقبول في كيفيةالنظم.
و الواو في قوله: وَ جاءَتْهُمْ للحال، أيظلموا بالتكذيب و قد جاءتهم رسلهمبالدلائل و الشواهد على صدقهم و هيالمعجزات، و قوله: وَ ما كانُوالِيُؤْمِنُوا يجوز أن يكون عطفا علىظلموا، و أن يكون اعتراضا، و اللام لتأكيدالنفي، و أن اللَّه قد علم منهم أنهم يصرونعلى الكفر و هذا يدل على أنه تعالى إنماأهلكهم لأجل تكذيبهم الرسل، فكذلك يجزى كلمجرم، و هو وعيد لأهل مكة على تكذيبهم رسولاللَّه، و قرىء يجزي بالياء و قوله:ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ الخطابللذين بعث إليهم محمد عليه الصلاة والسلام، أي استخلفناكم في الأرض بعدالقرون التي أهلكناهم، لننظر كيف تعملون،خيرا أو شرا، فنعاملكم على حسب عملكم.
بقي في الآية سؤالان:
كيف جاز النظر إلى اللَّهتعالى و فيه معنى المقابلة؟
أنه استعير لفظ النظر للعلمالحقيقي الذي لا يتطرق الشك إليه، و شبههذا العلم بنظر الناظر و عيان المعاين.
قوله: ثُمَّ جَعَلْناكُمْخَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْلِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ مشعر بأناللَّه تعالى ما كان عالما بأحوالهم قبلوجودهم.
و الجواب: المراد منه أنه تعالى يعاملالعباد معاملة من يطلب العلم بما يكونمنهم، ليجازيهم بحسبه كقوله:لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُعَمَلًا [هود: 7] و قد مر نظائر هذا. و قالرسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم: «إنالدنيا خضرة حلوة و إن اللَّه مستخلفكمفيها فناظر كيف تعملون» و قال قتادة: صدقاللَّه ربنا ما جعلنا خلفاء إلا لينظر إلىأعمالنا، فأروا اللَّه من أعمالكم خيرا،بالليل و النهار.
لأنها حرف لاستفهام و الاستفهام لا يعملفيه ما قبله، و لو قلت: لننظر خيرا تعملونأم شرا، كان العامل في خير و شر تعملون.
وَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنابَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَلِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذاأَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْأُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْأَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّإِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّيعَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15)
فيه مسائل:
حكاها اللَّه تعالى في كتابه و أجاب عنها.
واعلم أن من و قف على هذا الترتيب الذينذكره، علم أن القرآن مرتب على أحسنالوجوه.
الوليد بن المغيرة المخزومي، و العاص بن وائل السهمي، و الأسود بن المطلب،