إلى زوجها هدى، إذا نقلت إليه و الهدي مايهدى إلى الحرم من النعم، و سميت الهديةهدية لانتقالها من رجل إلى غيره، و جاءفلان يهادى بين اثنين إذا كان يمشي بينهمامعتمدا عليهما من ضعفه و تمايله.
إذا ثبت هذا فنقول: قوله: أَمَّنْ لايَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى يحتمل أنيكون معناه أنه لا ينتقل إلى مكان إلا إذانقل إليه، و على هذا التقدير فالمرادالإشارة إلى كون هذه الأصنام جمادات خاليةعن الحياة و القدرة.
و اعلم أنه تعالى لما قرر على الكفار هذهالحجة الظاهرة قال: فَما لَكُمْ كَيْفَتَحْكُمُونَ يعجب من مذهبهم الفاسد ومقالتهم الباطلة أرباب العقول.
ثم قال تعالى: وَ ما يَتَّبِعُأَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا
و فيه وجهان: الأول: و ما يتبع أكثرهم فيإقرارهم باللَّه تعالى إلا ظنا، لأنه قولغير مستند إلى برهان عندهم، بل سمعوه منأسلافهم. الثاني: و ما يتبع أكثرهم فيقولهم الأصنام آلهة و أنها شفعاء عنداللَّه إلا الظن و القول الأول أقوى، لأنافي القول الثاني نحتاج إلى أن نفسر الأكثربالكل.
ثم قال تعالى: إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِيمِنَ الْحَقِّ شَيْئاً و فيه مسألتان:
فقالوا: العمل بالقياس عمل بالظن، فوجب أنلا يجوز، لقوله تعالى: إِنَّ الظَّنَّ لايُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً.
أجاب مثبتو القياس، فقالوا: الدليل الذيدل على وجوب العمل بالقياس دليل قاطع،فكان وجوب العمل بالقياس معلوما، فلم يكنالعمل بالقياس مظنونا بل كان معلوما.
أجاب المستدل عن هذا السؤال، فقال: لو كانالحكم المستفاد من القياس يعلم كونه حكماللَّه تعالى لكان ترك العمل به كفرا لقولهتعالى: وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِماأَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُالْكافِرُونَ [المائدة: 44] و لما لم يكنكذلك، بطل العمل به و قد يعدون عن هذهالحجة بأنهم قالوا: الحكم المستفاد منالقياس إما أن يعلم كونه حكما للَّه تعالىأو يظن أو لا يعلم و لا يظن و الأول باطل وإلا لكان من لم يحكم به كافرا لقوله تعالى:
وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَاللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ[المائدة: 44] و بالاتفاق ليس كذلك. و الثاني:باطل، لأن العمل بالظن لا يجوز لقولهتعالى: إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَالْحَقِّ شَيْئاً و الثالث: باطل، لأنهإذا لم يكن ذلك الحكم معلوما و لا مظنونا،كان مجرد التشهي، فكان باطلا لقوله تعالى:فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌأَضاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُواالشَّهَواتِ [مريم: 59].
و أجاب مثبتو القياس: بأن حاصل هذا الدليليرجع إلى التمسك بالعمومات، و التمسكبالعمومات لا يفيد إلا الظن. فلما كانت هذهالعمومات دالة على المنع من التمسك بالظن،لزم كونها دالة على المنع من التمسك بها، وما أفضى ثبوته إلى نفيه كان متروكا.
فإن قيل: فقول أهل السنة أنا مؤمن إن شاءاللَّه يمنع من القطع فوجب أن يلزمهمالكفر.
قلنا: هذا ضعيف من وجوه: الأول: مذهبالشافعي رحمه اللَّه: أن الإيمان عبارة عنمجموع الاعتقاد